تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إن هؤلاء معهم إيمان وعمل، ولولا ذلك لكانوا كسائر الكفار والمشركين يخلدون في النار، وربما أن الله أخرجهم أو أدخلهم الجنة لعزمهم على العمل ومباشرتهم الدخول فيه.

وأما احتجاجهم بقولهم: إن الكفر ضد الإيمان فحينما ثبت الكفر انتفى الإيمان والعكس.

فإنه يقال لهم: إطلاق القول بأن كل كفر هو ضد الإيمان ويخرج من الملة مطلقاً ليس صحيحاً على إطلاقه هكذا إلا عند الخوارج في حكمهم على أصحاب المعاصي بالكفر المخرج من الملة، فإن الإيمان درجات، وهو اسم مشترك يقع على معان كثيرة، منها ما يكون الكفر ضداً له، كأن يعتقد الكفر ويعمل به ويدعو إليه فكفره اعتقادي وهو ضد الإيمان ولا نزاع في هذا.

ومنها ما يكون الفسق ضداً له لا الكفر، كترك بعض الأعمال المفروضة مع الاعتراف بوجوبها. ومنها ما يكون الترك ضداً له لا الكفر ولا الفسق، كترك بعض الأعمال التي هي تطوع إذ لا يصح تسمية التارك لها كافراً ولا فاسقاً وإنما يسمى تاركاً ومفرطاً في حق نفسه لعدم قيامه بتلك الأعمال التي تزيد في إيمانه.

وأما ما استدل به الأحناف فيقال لهم:إنه لم يسم التصديق بالقلب دون التصديق باللسان والعمل إيماناً في اللغة، ولم يعرف عن العرب أنهم يحكمون للشخص بالتصديق والإيمان بشيء صدقه بقلبه ثم أعلن التكذيب به بلسانه، كذلك لم يعرف في اللغة أن التصديق باللسان فقط دون التصديق بالقلب يعتبر إيماناً. إذاً فلا يسمى مؤمناً بالشيء إلا إذا توافق التصديق بالقلب واللسان معاً ونتج عنهما حصول أثر ذلك وهو العمل.

وأما استدلالهم بقولهم: لو كان العمل يسمى إيماناً لكان من ضيع منه شيئاً فقد الإيمان كله، فلا يكون مؤمناً أو لا يقال له مؤمن.

يقال لهم: إن هذا الاستدلال تحكم وخروج عن ما يقتضيه الحق، فلا يجوز أن نسمى الشخص مؤمناً ولا كافراً إلا بنص واضح عن الله أو عن رسوله، فمن سماه الله مؤمناً نسميه مؤمناً، ومن سماه كافراً نسميه كافراً، بل نقول: أن من ضيع شيئاً من ما أمر بالإيمان به فقد ضيع بعض الإيمان ولم يضيع الكل، فلا يخرج عن الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه بالكلية.

وأما ما ذهب إليه المرجئة من أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، كما أن التصديق لا يزيد ولا ينقص، فهو قول من أبطل الأقوال وهو قياس على أمر غير مسلم.

* * * * * * * * * * * * * *

الفصل الثامن

ما مذهب أهل السنة في تعريف الإيمان؟

أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي".

وهذا هو الواضح من النصوص الكثيرة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، إلا أنه قد تختلف تعبيرات أهل السنة عن حقيقة الإيمان فيعرفونه بصيغ مختلفة، ولكن القصد واحد، وهو إدخال العمل في حقيقة الإيمان كما يدل عليه كلام الله تعالي وكلام رسول ?.

فالآيات واضحة الدلالة علي مذهب أهل السنة في حقيقة الإيمان المكون من القول والعمل والاعتقاد. وهي حجة على من فرق في الإيمان بين الاعتقاد والعمل، أو غالط في بعض تعريفات السلف للإيمان.

واستدل أهل السنة على ما يذهبون إليه من دخول العمل في مسمى الإيمان بأحاديث كثيرة منها:

قوله ?: " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".

وقوله ?:"أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخيارهم خيارهم لنسائهم".

وأحاديث أخرى كثيرة جعل فيها العمل من الإيمان.

وعلى هذا مضى السلف الصالح من الصحابة فمن بعدهم وعليه أيضاً مضى علماء الإسلام، ومنهم الأئمة مالك والشافعي وأحمد، حيث فسروا الإيمان بأنه التصديق والقول والعمل، وأنه يقبل الزيادة ويقبل النقص، وأن أهله يتفاوتون فيه.

* * * * * * * * * * * * * *

الفصل التاسع

ما منزلة مذهب المرجئة عند السلف؟

مذهب المرجئة المتأخرين منهم مذهب رديء وخطير، يهون المعصية، ويدعو إلي الكسل والخمول، ولذا تجد السلف يحذرون منه كثيراً ويذمونه لما اشتمل عليه من فساد وإخمال لشعلة الإيمان في القلوب، وتمييع لمنزلة العمل في النفوس. وهذا المذهب ومذهب القدرية من المذاهب الرديئة.

ويذكر عن بعض العلماء روايات في ذمهم والتنفير من معتقداتهم وهذه الروايات ظاهرة في ذم المرجئة والقدرية.

ولقد علماء اهل السنة و الجماعة الجهد الكبير في نصحهم وردهم غلي طريق الحق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير