كما يقسمون الصفات كذلك إلى سبعة أقسام يسمونها "صفات المعاني" وهى: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر، وهذه الصفات يثبتونها لله تعالى صفات ذاتية لا تنفك عن الذات يؤمنون بها كما يليق بالله تعالى، ويسمونها أحيانا الصفات الذاتية والوجودية.
وأقسام الصفات الثابتة لله تعالى هي صفات ذاتية وصفات فعلية، ومن جهة أخرى تنقسم الصفات الثابتة لله تعالى إلى صفات عقلية وصفات خبرية.
وقد ذهبت الكلابية وتبعهم الأشعرية إلى نفي الصفات الفعلية عن الله تعالى ويؤولون ما ورد منها بزعم أنها لا تليق بالله تعالى، ومع هذا فهم يثبتون له تعالى الصفات الذاتية اللازمة له، وأنكروا قيام الصفات الفعلية الاختيارية به، والمتأخرين من الأشاعرة كالغزالي، والجويني، والرازي، يذهبون إلى تأويل الصفات الخبرية ونفي معانيها الحقيقية وأنها مجازات، وإن إثبات الأشعرية لسبع صفات ونفي ما عداها بالتأويلات، جعلهم بين المعتزلة وأهل السنة.
الباب الخامس عشر: الماتريدية
س: من هو مؤسس الماتريدية؟
ج: تنتسب هذه الطائفة إلى أحد علماء القرن الثالث الهجري وهو محمد بن محمد بن محمود المعروف بأبي منصور الماتريدي، وكان يلقب بإمام السنة وبإمام الهدى، ولد في ماتريد وهي من بلدان سمرقند فيما وراء النهر، ولا يعرف على وجه اليقين سنة مولده، وقد توفى سنة 333 هـ على أرجح القوال، تلقى علوم الفقه الحنفي والكلام على أحد كبار علماء ذلك العصر وهو نصر بن يحيى البلخي المتوفى سنة 368 هـ، حتى أصبح من كبار علماء الأحناف وقد تتلمذ عليه بعض المشاهير في علم الكلام، ولقد كان لأبي منصور مناظرات ومجادلات عديدة مع المعتزلة في الأمور التي خالفهم فيها، وقد اتحد في الهدف مع الأشعري في محاربة المعتزلة وكان معاصرا له، وأما في العقائد فكان على اتفاق مع ما قرره أبو حنيفة في الجملة، مع مخالفته في أمور وله مؤلفات كثيرة في مختلف الفنون، منها: بيان وهم المعتزلة - تأويلات أهل السنة – الدرر في أصول الدين – الرد على تهذيب الكعبي في الجدل – عقيدة الماتريدية – كتاب التوحيد وإثبات الصفات – كتاب الجدل – مأخذ الشرائع في أصول الفقه – المقالات.
س: ما هي أهم آراء الماتريدي؟
ج: 1 - لا يرى الماتريدي مسوغا للتقليد، بل ذمة وأورد الأدلة العقلية والشرعية على فساده وعلى وجوب النظر والاستدلال.
2 - يذهب في نظرية المعرفة إلى أنه لا سبيل إلى العلم إلا بالنظر والاستدلال، وهو قريب من آراء المعتزلة والفلاسفة في هذا.
3 - يوافق في الاعتقاد في أسماء الله السلف، ويرى أن أسماء الله توقيفية، إلا أنه يؤخذ على الماتريدية أنهم لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله وبين باب التسمية فأدخلوا في أسمائه ما ليس منها كالصانع والقديم والشيء، وقد عطل الماتريدية كثير من أسماء الله تعالى وأولوها.
4 - يرى أن المؤمنين يرون ربهم والكفار لا يرونه، ويخالف الأشعري هنا في أن الماتريدي يرى أن الأدلة على إمكان رؤية الله تعالى عقلا غير ممكنة، بينما يستدل عليها أبو الحسن الأشعري بالعقل، إلا أنهم خالفوا السلف فنفوا المقابلة والجهة مطلقا.
5 - هو أقرب ما يكون إلى السلف في سائر الصفات، أي في الصفات التي تثبت عند الماتريدية بالعقل لكنهم يؤولون ما عداها.
6 - في القضاء والقدر هو وسط بين الجبر والاختيار، وقسم القدرة إلى قسمين: قدرة ممكنة: وهى ما يسميها: لسلامة الآلات وصحة الأسباب، وقدرة ميسرة، زائدة على القدرة الممكنة: وهى التي يقدر الإنسان بها على الفعل المكلف به مع يسر، تفضلا من الله تعالى.
7 - يقول الماتريدي بخلق أفعال العباد، وهو يفرق بين تقدير المعاصي والشرور والقضاء بها وبين فعل المعاصي، فالأول من الله والثاني من العبد.
8 - في مسائل الإيمان: لا يقول بالمنزلة بين المنزلتين، ولا يقول بخروج مرتكب الكبيرة عن الإسلام، ويرى أن الإيمان هو التصديق بالقلب، دون الإقرار باللسان، ومن هنا يفترق الماتريدي عن السلف، وعنده لا يجوز الاستثناء في الإيمان.
س: ما هي المسائل التي اختلف فيها الماتريدي عن الأشعري؟
ج: 1 - مسألة القضاء والقدر، فالأشاعرة يرون أن المحبة والرضى والإرادة بمعني واحد، بينما يرى الماتريدية أن الإرادة لا تستلزم الرضى والمحبة.
¥