تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السموات وما في الأرض وأبو محمد وأمثاله قد سلكوا مسلك الملاحدة الذين يقولون إن الرسول لم يبين الحق في باب التوحيد ولا بين للناس ما هو الأمر عليه في نفسه بل أظهر للناس خلاف الحق والحق إما كتمه وإما أنه كان غير عالم به فإن هؤلاء الملاحدة من المتفلسفة ومن سلك سبيلهم من المخالفين لما جاء به الرسول في الأمور العلمية كالتوحيد والمعاد وغير ذلك يقولون إن الرسول أحكم الأمور العملية المتعلقة بالأخلاق والسياسة المنزلية والمدنية ... ) اهـ

ثم قال المجهول: ((وتكلم عنهم الإمام المجتهد شيخ الإسلام بدر الدين بن جَمَاعة الكِناني الشافعي في كتابه (إيضاح الدليل) ط1/دار السلام ص93 فقال: ((ومن انتحل قول السلف، وقال بتشبيه، أو تكييف، أو حَمْلِ اللفظ على ظاهره مما يتعالى الله عنه من صفات المحدثين، فهو كاذب في انتحاله، بريء من قول السلف واعتداله .. )) اهـ)) انتهى

قلت: وهذا مما لا ينكره أحد من الفرق الصفاتية لا سنياً ولا أشعرياً ولا سالمياً ولا مفوضاً ولا متوقفاً ولا غيره. الحاصل أنه لا حاجة لنقله.

ثم قال: ((وقد تكلم عنهم الإمام تاج الدين السبكي مستعملاً لفظ المجسمة بكلام غاية في المتانة والدقة وكأنه يلاحظ حال الحشوية اليوم في طعنهم بأهل السنة فقال في طبقاته ما نصه (1/ 192): (( .. وفي المبتدعة لا سيما المجسمة زيادة لا توجد في غيرهم، وهو أنهم يرون الكذب لنصرة مذهبهم، والشهادة على من يخالفهم في العقيدة بما يسوءه في نفسه وماله بالكذب تأييداً لاعتقادهم، ويزداد حنقهم وتقربهم إلى الله بالكذب عليه بمقدار زيادته في النيل منهم، فهؤلاء لا يحل لمسلم أن يعتبر كلامهم ... وقد تزايد الحال بالخطابية وهم المجسمة في زماننا هذا، فصاروا يرون الكذب على مخالفيهم في العقيدة لا سيما القائم عليهم، بكل ما يسوءه في نفسه وماله. وبلغني أن كبيرهم استفتي في شافعي: أيشهد عليه بالكذب؟؟ فقال: ألست تعتقد أن دمه حلال؟؟ قال: نعم، قال: فما دون ذلك دون دمه فاشهد وادفع فساده عن المسلمين!!! فهذه عقيدتهم، ويرون أنهم المسلمون وأنهم أهل السنة، ولو عُدوا عدداً لما بلغ علماؤهم ولا عالم فيهم على الحقيقة مبلغاً يعتبر، ويكفرون غالب علماء الأمة ثم يعتزون إلى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه!!! وهو منهم بريء، ولكنه كما قال بعض العارفين، ورأيته بخط تقي الدين بن الصلاح: إمامان ابتلاهما الله بأصحابهما، وهما بريئان منهم: أحمد بن حنبل ابتلي بالمجسمة، وجعفر الصادق ابتلي بالرافضة .... وقد وصل حال بعض المجسمة في زماننا إلى أن كتب (شرح صحيح مسلم) للشيخ محي الدين النووي، وحذف من كلام النووي ما تكلم به على أحاديث الصفات، فإن النووي أشعري العقيدة، فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه، وهذا عندي من كبائر الذنوب، فإنه تحريف للشريعة، وفتح باب لا يؤمن معه بكتب الناس وما في أيديهم من المصنفات، فقبح الله فاعله وأخزاه، وقد كان في غنية عن كتابة هذا الشرح، وكان الشرح في غنية عنه .. )) اهـ. كلام الإمام السبكي مختصراً)) انتهى

قلت: أما قوله (ولقد تزايد الحال بالخطابية وهم المجسمة في زماننا هذا) فهذا من أبطل الباطل لأنه يعني بالمجسمة مثبتي الصفات الفعلية من أتباع شيخ الإسلام ابن تيمية في عصره من الحنابلة وغيرهم. والخطابية قوم من الرافضة يعتقدون إلهية الأئمة وإلهية أبي الخطاب الأسدي ويقولون: إن جعفر الصادق قد أودعهم جلداً فيه ما يحتجون إليه من علم الغيب ويسمونه (الجفر) وزعموا أنه لا يقرأ ما فيه إلا من كان منهم وستحلون الكذب علي مخالفيهم ولذا لم يجز الشافعي شهادتهم وأشار إلى ذلك في كتاب الشهادات من الأم.وأخبارهم مشهورة في كتب المقالات ككتاب ((الفَرق بين الفِرق)) للبغدادي وغيره من كتب المقالات.

ثم إن السبكي هذا قد خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً فإنه لو قصد بالمجسمة الرافضة من الخطابية وغيرهم لصدق لأن الرافضة منهم هشام بن الحكم الرافضي أول من قال:إن الله جسم. ولكنه حمل مجسمة زمانه بزعمه الذين هم أهل السنة علي الحقيقة علي قوم من أكفر خلق الله وهم الخطابية.

وأما قوله ((إمامان ابتلاهما الله بأصحابهما، وهما بريئان منهم: أحمد بن حنبل ابتلي بالمجسمة)) فهو كما قال شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 3/ 186): " وقلت لهذا الشيخ من فى أصحاب الإمام أحمد - رحمه الله - حشوى بالمعنى الذى تريده الأثرم؟ أبو داود؟ المروذى؟ الخلال؟ أبو بكر عبدالعزيز؟ أبو الحسن التميمى؟ ابن حامد؟ القاضى أبو يعلى؟ أبو الخطاب؟ ابن عقيل؟ ..... ورفعت صوتى وقلت سمهم قل لى منهم من هم؟ أبكذب ابن الخطيب وإفترائه على الناس فى مذاهبهم تبطل الشريعة وتندرس معالم الدين كما نقل هو وغيره عنهم أنهم يقولون: إن القرآن القديم هو أصوات القارئين ومداد الكاتبين وأن الصوت والمداد قديم أزلى من قال هذا؟ وفى أى كتاب وجد هذا عنهم؟ قل لى وكما نقل عنهم أن الله لا يرى فى الآخرة باللزوم الذى ادعاه والمقدمة التى نقلها عنهم "اهـ

قلت: آمن المجسمة الموفق ابن قدامة أم الشيخ أبو عمر المقدسي أم الشيخ عبد القادر أم المجد ابن تيمية أم شيخ الإسلام أم ابن مفلح أم ابن عبد الهادي أم ابن القيم أم المزي أم من؟!

وأما قوله: ((وقد وصل حال بعض المجسمة في زماننا إلى أن كتب (شرح صحيح مسلم) للشيخ محي الدين النووي ... إلخ) فليقل من هو ذلك المجسم بزعمه الذي فعل ذلك؟ فإن شيخ الإسلام وأتباعه معاصري ذيالك السبكي لا يعرف عنهم قدح في مثل الشيخ أبي زكريا النووي بل يذكرونه في مصنفاتهم ويعدونه من العلماء انظر مجموع الفتاوي (3/ 224 و 25/ 148) و شرح الأصفهانية (196) و إغاثة اللهفان (1/ 228) و جلاء الأفهام (463 و 466 و 467 و 473) وحاشية ابن ماجه (9/ 209) وزاد المعاد (1/ 370 و 376 و 2/ 401 و 5/ 337) وغير ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير