تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والاتباع، فالإخلاص إن وُجِدَ عندكم كما تقولون؛ فقد غاب الشرط الآخر وهو الاتباع، فوقعتم بذلك في الابتداع، وقد سبق حديث عائشة رضي الله عنها في أن العمل إذا لم يكن على هدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود.

الشبهة الثامنة: يتمسكون بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: "وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع؛ من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه لو كان خيراً، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص ".

والرد عليها هو أن نقول: إن شيخ الإسلام رحمه الله قد صرح ببدعية المولد في كلامه السابق، ومعنى قوله: يثيبهم الله على هذه المحبة والاجتهاد أي أنهم يؤجرون على نيتهم في محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن القصد؛ لا على العمل، فتنبه، ومع ذا حتى لو لم يقل شيخ الإسلام ببدعيته؛ فيبقى أنه ليس معصوماً، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنه رحمه الله قد صرح ببدعيته في أماكن متعددة من كتبه، فقد قال رحمه الله: "وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال أنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار؛ فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف، ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم "، وقال العلامة الأثري عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: "المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به; لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر، وقرره المحققون من أهل العلم؛ أن الاحتفالات بالموالد بدعة لا شك في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس وأعلمهم بشرع الله، والمبلغ عن الله؛ لم يحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه لا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم، فلو كان حقاً وخيراً وسنة لبادروا إليه، ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولعلمه أمته، أو فعله بنفسه، ولفعله أصحابه وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك علمنا يقيناً أنه ليس من الشرع، وهكذا القرون المفضلة لم تفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقال عليه الصلاة والسلام: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) في أحاديث أخرى تدل على ذلك.

وبهذا يعلم أن الاحتفالات بالمولد النبوي في ربيع الأول أو في غيره، وكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى كالبدوي والحسين وغير ذلك; كل ذلك من البدع المنكرة التي يجب على أهل الإسلام تركها، حيث قد عوضهم الله بعيدين عظيمين: عيد الفطر وعيد الأضحى فيهما الكفاية عن إحداث أعياد واحتفالات منكرة مبتدعة.

وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الموالد، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه، والتمسك بشريعته، والذب عنها، والدعوة إليها، والاستقامة عليها، وهذا هو الحب الصادق كما قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فحب الله ورسوله يكون بطاعة الله ورسوله، والاستقامة على شريعة الله، وبالجهاد في سبيل الله، والدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ".

وبعد: فإننا نظن أن قد بَطُلَ احتجاج من يحتج على مشروعية المولد، وتبين أنه بدعة محدثة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يبصرنا ديننا، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يهدينا ويهدي ضال المسلمين إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

بقلم أبي عبد الله محمد العبدلي

ـ[محمد بن عبدالله العبدلي]ــــــــ[03 - 03 - 10, 07:56 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير