تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجه الدلالة: أن الآية شرطت لإرث الإخوة كون المسألة كلالة؛ والكلالة من ليس له ولد ولا والد، والجد والد.

الدليل الثاني: أن الله سمى الجد أباً، قال تعالى عن نبيه يوسف- عليه السلام -: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [يوسف/38]، ومن ذلك قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج/78] هذا من الكتاب، أما من السنة فكقوله صلى الله عليه وسلم: (ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان رامياً) (7)، يقصد بذلك إسماعيل بن إبراهيم – عليهما السلام – وقد كان جداً بعيداً لهم؛ قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله –: (وفيه أن الجد الأعلى يسمى أباً) (8).

الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر) (9).

وجه الدلالة: والجد أولى من الأخ حكماً ومعنى،

أما الحكم: فإن الفروض إذا ازدحمت سقط الأخ؛ بخلاف الجد فلا يسقط إلا مع الأب.

وأما المعنى: فلأن له قرابة إيلاد وبعضية كالأب.

الدليل الرابع: قياساً على ابن الابن الذي ينزل منزلة الابن عند عدمه؛ بجامع أن كلاً منهما من عمودي النسب.

ولهذا قال ابن عباس – رضي الله عنهما-: ألا يتقي الله زيد؟! يجعل ابن الابن ابناً، ولا يجعل أب الأب أباً؟!!.

الدليل الخامس: إجماع أهل العلم أن الجد كالأب في غير موضع؛ فهو كالأب مع الفروع ويفرض له السدس وإن عالت المسألة، وكما أنه يحجب الإخوة لأم، فالقياس أنه يحجب الإخوة الأشقاء أو لأب.

الدليل السادس: أن الجد ليس كالإخوة؛ فهو إما أن يكون كالأخ الشقيق، أو كالأخ لأب، أو دونهما أو فوقهما؛ فإن كان كالشقيق لزم أن يحجب الأخ لأب، وإن كان كالأخ لأب لزم أن يحجبه الشقيق، وإن كان دونهما لزم أن يحجبه كلاً منهما؛ والكل باطل، فيتعين كونه فوقهما؛ فيحجبهما.

والابن يُسقط الإخوة ولا يسقط الجد.

وقد نصر ذلك ابن القيم – رحمه الله -في كتابه إعلام الموقعين بنحو عشرين وجهاً، فدلّ على أن الجد يُسقط الإخوة وأنه كالأب، فمن أرادها طالعها (10).

القول الثاني: أنه لا يحجبهم ويرث معهم.

من الصحابة: هو مذهب زيد بن ثابت، و علي بن أبي طالب، وابن مسعود، والقول الثاني لعمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- (11).

ومن الفقهاء: هو مذهب مالك (12)، والشافعي (13)، وأحمد (14)، وصاحبا أبي حنيفة (15) - رحمهم الله-.

من أدلتهم:

الدليل الأول: قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء/7]

وجه الدلالة: أن الله تبارك وتعالى جعل للرجال والنساء الأقارب نصيباً، والإخوة والأخوات لأب إذا اجتمعوا مع الجد فهم من الأقارب، فمن قال لا نصيب لهم؛ فقد ترك ظاهر القرآن.

الدليل الثاني: أن ميراث الإخوة ثابت بالكتاب؛ فلا يحجبون إلا بنص صريح، بخلاف ميراث الجد فلم يرد فيه دليل صريح يقتضي بتوريثه من الكتاب والسنة، وإنما ثبت بالاجتهاد فهو إنما ينزل منزلة الأب في عدم وجوده.

الدليل الثالث: أن الجد والإخوة متساوون في سبب الاستحقاق؛ لاستوائهم في الإدلاء بالأب؛ الجد أب الأب والأخ ابن الأب فيتساوون في الميراث، بل الأخ أولى لأن قرابة البنوة أقوى من قرابة الأبوة.

الدليل الرابع: الأخ يعصّب أخته بخلاف الجد، فلم يُسقطه الجد لأنه أقوى منه كالابن.

الدليل الخامس: فرع الأخ (ابن أخ)، أما فرع الجد (فهو عم)، وابن الأخ أقوى من العم، وقوة الفرع من قوة الأصل.

الدليل السادس: الإخوة والأخوات يرثون على حسب ميراث الأولاد عصوبة وفرضاً، بخلاف الجد.

الترجيح:

في الحقيقة: الأدلة عقلية وليست نقلية، لأنه لم يرد نص في القرآن الكريم أو السنة المطهرة، ولهذا حصل الاختلاف.

وقد جرى العمل على توريث الإخوة مع الجد في المحاكم الإسلامية، لأنه قول جمهور الفقهاء، حتى الحنفية، لأنه قول أبي يوسف ومحمد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - شرح أخصر المختصرات لابن جبرين حفظه الله في جامع ابن تيمية، وفي عارض الشاملة: 2/ 471:.

2 - ذكره البخاري في صحيحه معلقاً: كتاب الفرائض، 9 - باب ميراث الجد مع الأب والإخوة.

3 - رد المحتار على الدر المختار:6/ 774.

4 - مجموع الفتاوى:31/ 342 - 343، إعلام الموقعين: 1/ 374، المغني: 9/ 65 - 66.

5 - الفروع: 5/ 8.

6 - الإنصاف: 7/ 36.

7 - أخرجه البخاري – كتاب الجهاد والسير – باب التحريض على الرمي برقم (2899).

8 - فتح الباري: 6/ 108.

9 - أخرجه البخاري – كتاب الفرائض – برقم (6732) ومسلم –كتاب الفرائض- برقم (1615)

10 - إعلام الموقعين، ابن القيم: 1/ 374 - 381

11 - المغني: 9/ 66.

12 - بداية المجتهد: 2/ 282؛ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 4/ 463.

13 - الأم: 8/ 189، البيان في مذهب الإمام الشافعي: 9/ 91.

14 - الإنصاف: 7/ 229، المغني: 9/ 66.

15 - رد المحتار على الدر المختار:7/ 229.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير