أما كتب مثل: المسائل المشتركة للعروسي، ومسائل أصول الدين لخالد فوزي، فالأول: يعطيك أمثلةً للظاهر الأصولي والباطن الكلامي، والثاني: يعطيك أمثلة لتحول الساحة الأصولية لساحة كلامية، ويفيدك إذا تنبهت -لما لم يتنبه له المؤلف- وهو لماذا بحثوا هذه المسألة الكلامية في هذا الموضع بالذات؟!.
هذان الكتابان ربما أفاداك في بعض الأمثلة، أما تصور النسيج الكلي فلا يكون سوى بالقراءة المتأنية مرة بعد مرة .. وبالشروط المذكورة ..
ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[16 - 11 - 10, 09:29 م]ـ
ثم قال -وفقه الله-:
كل ما بعد رسالة الشافعي لا يخلو من ضلالة بدعية، ومنهج فلسفي غير عربي في النظر ..
غير أن الكتب [الأربعة] المذكورة هي أسس العلم التي بني عليها العلم إلى يوم الناس هذا .. وإلا فالكتب التي لم يُبن عليها هذا العلم ككتاب الخطيب وكتاب ابن عبد البر وقواطع الأدلة واللمع وشرحها = لا تخلو من بدعة أو بناء للمسائل والتقاسيم على غير النهج العربي، ولكنها توارت وغمرها سيل القاضيين (أبي الحسين وأبي بكر) وإمامِ الحرمين.
وقال:
فما فاتنا من كلامِ الشيخ (أبي العباس ابن تيميّة) في إجاباته على الاعتراضات المصرية للفتيا الحموية من (أصول التخاطب وقواعد البيان) = نجدها بحمد الله تعالى ملخصا في (صواعق المرسلة) أو في اختصار الموصلي لها بالإضافة إلى قواعد لغوية منتشرة في (بدائع الفوائد)؛ وما فاتنا من قواعد الحكم على متون الأخبار نجدها في (المنار المنيف) و (نقد المنقول)؛ وما فاتنا من كلام الشيخ في روح التشريع ومقاصده فإننا نجد قسطا لا بأس به منه في ثنايا (الرسالة التبوكية) العجيبة؛ وما فاتنا من كلام الشيخ في أساليب القرآن وطرائق بيانه نجده في مثل (التبيان في أقسام القرآن) وكذا في (أمثال القرآن)؛ وما تبعثر من كلام الشيخ في (ترتيب الأدلة) ومسألة (القياس والحكمة) و (حقيقة الإجماع) ثم مسألة (الاستصحاب والأخذ بالعُمُومات) وكذا (أصول الفتيا والقضاء) نجدها قد يوفي بحقها ابن القيم في (إعلام الموقعين) و (الطرق الحكمية).
ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[16 - 11 - 10, 09:37 م]ـ
وقال:
مما قاله ابن تيمية عن هذا العلم والخائضين فيه:
العلم الأعلى عندهم والفلسفة الأولى علم ما بعد الطبيعة وهو الوجود المطلق ولواحقه؛ حتى إن من له مادة فلسفية من متكلمة المسلمين - كابن الخطيب وغيره - يتكلمون في أصول الفقه الذي هو علم إسلامي محض؛ فيبنونه على تلك الأصول الفلسفية. كقول ابن الخطيب وغيره في أول أصول الفقه موافقة لابن سينا ومن قبله: العلوم الجزئية لا تقرر مبادئها فيها؛ لئلا يلزم الدور فإن مبدأ العلم أصوله وهو لا يعرف إلا بعدها. فلو عرفت أصوله بمسائله المتوقفة على أصوله: للزم الدور بل توجد أصوله مسلمة ويقدر في علم أعلى منه حتى ينتهي إلى العلم إلا على الناظر في الوجود ولواحقه>
وقلَّ طائفة من المتأخرين إلا وقع في كلامها نوع غلط لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع؛ ولهذا يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه وأصول الدين والفقه والزهد والتفسير والحديث = من يذكر في الأصل العظيم عدة أقوال ويحكي من مقالات الناس ألوانا والقول الذي بعث الله به رسوله لا يذكره؛ لعدم علمه به لا لكراهته لما عليه الرسول.
وأما إذا قدرنا السواد المجرد المطلق الذي يتصوره الذهن فهذا لا يقبل الاختلاف والتفاضل لكن هذا هو في الأذهان لا في الأعيان. ومثل هذا الغلط وقع فيه كثير من الخائضين في أصول الفقه حيث أنكروا تفاضل العقل أو الإيجاب أو التحريم وإنكار التفاضل في ذلك قول القاضي أبي بكر وابن عقيل وأمثالهما لكن الجمهور على خلاف ذلك
ولما تكلف النحاة حد الاسم ذكروا حدودا كثيرة كلها مطعون فيها عندهم. وكذلك ما تكلف متأخروهم من حد الفاعل والمبتدأ والخبر ونحو ذلك لم يدخل فيها عندهم من هو إمام في الصناعة ولا حاذق فيها. وكذلك الحدود التي يتكلفها بعض الفقهاء للطهارة والنجاسة وغير ذلك من معاني الأسماء المتداولة بينهم وكذلك الحدود التي يتكلفها الناظرون في أصول الفقه لمثل الخبر والقياس والعلم وغير ذلك لم يدخل فيها إلا من ليس بإمام في الفن. وإلى الساعة لم يسلم لهم حد. وكذلك حدود أهل الكلام.
¥