ولعل من أخص مسائل هذا المورد كثير من المسائل المذكورة في التكليف و أحكام خطاب الشارع و حكم العقل، وهذا يغلب عليه أنه نتيجة لمقولات عقدية يذكرونها في كتب أصول الدين التي صنفوها لتقرير المذهب العقدي عند المعتزلة والأشعرية، وأكثرها يلحق بترتيب على القول في مسائل القدر والإرادة والتعديل و التجويز التي بحثها أمثال القاضي عبدالجبار بن أحمد المعتزلي في كتبه العقدية كالمغني و شرح الأصول و المحيط بالتكليف وشرحها علماء الأشاعرة المتكلمة في مثل التمهيد للقاضي الباقلاني ... وهنا إشارتان:
أ ـ أن هذه التراتيب ليست لازمة في بعض الأحوال لما اعتبرت به من المقولات العقدية، وهذا ما قرره الإمام ابن تيمية في كلامه عن جملة من مسائل التكليف الأصولية التي بنيت على الخلاف العقدي في القدر بين المعتزلة و الأشعرية وهذا المعنى أشار إليه بعض محققي نظار المتكلمين و الأصوليين، و ثمة قدر من هذه التراتيب هو معتبر بالمقولات العقدية بلا منازعة.
ب ـ أن هذه التراتيب المبنية على المقولات العقدية تصاغ كثيراً في الكتب الأصولية خلافاً بين الحنفية والشافعية و تراها من حيث المبنى أو الذكر خلافا بين المعتزلة و الأشعرية في الكتب العقدية، وعند التحقيق فإن أئمة المذاهب الفقهية كالشافعي و أبي حنيفة ليسوا على اتصال بهذا التقرير الأصولي المرتب وكذا كبار أصحابهم المتقدمين،ويقع في كثير من كتب الأصول المتأخرة مقالات مخالفة لمذهب الأئمة المتقدمين -الأئمة الأربعة وغيرهم- هي عند التحقيق مقالات للمعتزلة أو نحوهم من الطوائف الكلامية المخالفة لمقالات أئمة السلف أهل السنة والجماعة.
2 - المورد الثاني: إدخال مسائل نظرية مجردة في كثير من كتب أصول الفقه ليست من المقولات العقدية أو الأصولية بل هي مسائل مجردة و الخلاف فيها جمهوره نظري بل كثير منه لا ثمرة له حتى نظراً وهذا يقع في مسائل مقولة في المقدمات الكلامية و النظرية و اللسانية، خاصة أن كثيراً من هذا النزاع المذكور يُنصب مع شذاذ في تاريخ المعرفة والفكر كالسفسطائية، والسمنية وأمثالها من أصحاب الاتجاهات الفلسفية البائدة ... ويعد الشاطبي من مقدمي نقاد هذا النوع، المتباعدين عنه. [انتهى كلام الغفيص].
ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[16 - 11 - 10, 09:14 م]ـ
إيقاظٌ:
مَنْ أراد أنْ يُنقِّح كتابا في فنٍ ما: فلا بد أن يكون مطّلعا على كتب الفن متقنا لها.
من عيون كلام أخينا الكبير/ أبي فهر السلفي:
والطريق لنعرف أصول الفقه عند السلف/
أولُ هذا الطريق: طلب العربية من وجهها الصحيح التي هي عليه، بفقه سنن الكلام وموارده
في الصحيح الثابت من كلام العرب.
وثانيه: استقراء فقه الصحابة والتابعين وأتباعهم، ووزن جهات استدلالهم بما حصله الناظر من
فقه سنن العرب في كلامها.
والثالث: استقراء فقه الأئمة الأربعة وطبقتهم من الفقهاء، والتفقه في منهجهم في النظر
والاستدلال ووزنه بما تقدم.
ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[16 - 11 - 10, 09:24 م]ـ
ومن عيون كلامه:
هم (أي: من صنف في الأصول من المبتدعة) كانوا من الفطنة بحيث علموا أن هذه ليست
مجرد أصول للفقه (فأكثرهم إما لم يشتغل بالفقه أصلاً، وإما لم يكن مجتهداً فيه يحتاج
للاستنباط) وإنما هي (أي: الأصول) قبل ذلك أصول للاعتقاد؛ فهي الأدوات التي يستنبطون
بها من الوحي رأيهم الكلامي قبل أن يستنبطوا بها رأيهم الفقهي ..
ولأجل فطنتهم هذه تحرك الباقلاني الأشعري ليدرك تقرير أبي الحسين المعتزلي لا لمجرد الكتابة في أصول الفقه ..
ولأجل فطنتهم هذه كتب عيسى بن أبان المعتزلي: ((الرد على الشافعي وبشر المريسي في الأخبار)) وليست هذه كتابة خالصة لوجه أصول الفقه.
وقال أيضا (وهو من بدائع كلامه عن الخطوات العملية لإصلاح أصول الفقه):
عليك بهذه الكتب الأربعة/
1) المعتمد لأبي الحسين البصري مع المقارنة بالمغني للقاضي.
2) والتقريب والإرشاد للباقلاني مع التكميل من التلخيص للجويني.
3) والبرهان للجويني.
4) أصول الجصاص مع التكميل والمقارنة بأصول السرخسي.
ولا تُحصل ثمرة القراءة إلا لمن كان ذا خبرة بالكلام المعتزلي والأشعري معاً .. بالإضافة لخبرة حسنة بالفلسفات القديمة ..
¥