أما تلاوة القرآن .. فعند عودته من صلاة الفجر .. يتناول شيئا من الخبز الأسمر مثرودا بالحليب والحبة السوداء .. حتى يسهل بلعه .. ثم يأمر الغلام .. أن يجعل عن يمينه مسندا وعن شماله مسندا .. وكرسي المصحف أمام عينيه يضع عليه كتاب الله .. فيقرأ منه .. كان يجهد في القراءة بسبب المرض .. بعد أن كان إمام مسجد أيام شبابه وكهولته ينهل من كتاب الله ويرتله .. كان آخر حياته كأنما ينظر في صفحة واحدة ثم يميل على أحد جنبيه فيغفو .. ثم يفيق ثم ينظر في المصحف وهكذا حتى تمضى ساعته المخصصة للقراءة فيساعده الخادم للاستلقاء على طرّاحته .. فيأمره أن يشغل المسجل على سورة البقرة بصوت عبد الودود حنيف أو محمد الدبيخي .. التي قرئت عنده في سنياته الأخيرة أكثر من ألف مرة ربما ..
لقد أقعده المرض وجعله طريح الفراش عامة وقته في آخر عشر سنين من عمره .. ظل صابرا محتسبا .. يذكرني حاله بحال الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه .. الذي أمضى ثلاثين سنة على السرير .. أقعده المرض ..
كان لا همّ له إلا الدِّين .. وإدخال الدين في حياة الناس .. يزوره أحبابه وأصحابه من كل مكان .. ومن شتى أصقاع الدنيا .. تجد بينهم الحب والوئام والوفاء المنقطع النظير .. ما لا تقرأه في كتاب أو تجده فوق تراب .. يلتفون حول طرّاحته .. يحادثونه ويذكرونه بجهوده ثم يمازحونه ويضاحكونه وينصرفون ..
مرة جاءه رجلٌ عليه سحنة الخواجات .. قادم من أستراليا .. كان يسأل عنه ويتشوق للقياه .. فلما لقيه كان بينهما تحاضن عجيب .. فأخبرني أصدقاؤه أنه كان سببا في دخوله في الإسلام في إحدى زوراته لأستراليا .. وأن هذا الرجل أسلمت زوجه وولده بعدُ ..
أخبرني أصدقاؤه برحلة له إلى بلاد الصين في أواخر الثمانينات الميلادية .. أنه كان في منطقة للمسلمين يتحدث إلى رجلين في سوق المدينة .. يقول الراوي: فاجتمع الناس حوله .. متعجّبين من هيئته وثيابه ولحيته .. فكثر الناس .. وازدحم السوق .. واصطفت الصفوف .. حتى إن الصينين ركبوا فوق أكتاف بعض الاثنين والثلاثة ليروه .. وهو ما قصد محاضرة عامة ولا خطبة عصماء ..
كان طول حياته يتمثل .. بلغوا عني ولو آية .. يتسامح وسيماه التسامح .. إلا في الدين فلا يقبل أي مساومة .. كان من أشد ما يكرهه التلفزيون .. كان يعده أساس الملهيات والمشغلات .. فقد كان عنده الوقت هو الحياة .. لا تراه فارغا طول حياته .. إلا في شغل أو مصلحة أو ذكر أو عبادة .. آه كيف لو رأى ما جاء بعد التلفزيون! ..
كان واصلا لرحمه .. في جدة وخارج جدة .. محسنا لجيرانه .. ما ترك حيا وانتقل منه لآخر .. إلا واصله جيرانه الأقدمون .. يسألون عنه ويسأل عنهم .. كأنما يبذر بذرة .. فينميها الله .. فتنبت وتكبر .. {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} ..
هذه نثار من أخبار شيخي .. اللهم اغفر لدخيل الله .. وارفع درجته في المهديين .. واخلفه في عقبه في الغابرين .. واغفر لنا وله يا رب العالمين .. وافسح له في قبره ونور له فيه ..
يا رُبَّ حي رخام القلب مسكنهُ ... وربَّ ميتٍ على أقدامه انتصبا ..
لقد كان الشيخ دخيل الله والدي .. عليه رحمة الله .. توفي في ثالث أيام شوال من عام 1429 ..
ـ[ابن عمار الأثري]ــــــــ[29 - 09 - 09, 12:18 ص]ـ
رحم الله دخيل الله، وعظم الله اجرك أخي الحاج، سيره حسنه و تابين بليغ،،
ـ[آل الحسن]ــــــــ[27 - 10 - 09, 07:37 م]ـ
رحمه الله واسكنه فسيح جناته
ـ[الحاج أحمد]ــــــــ[17 - 12 - 09, 04:13 م]ـ
ابن عمار .. آل الحسن ..
بارك الله فيكما ..
ـ[فرحان بن سميح العنزي]ــــــــ[21 - 12 - 09, 10:04 ص]ـ
رحمه الله رحمة واسعة