العواصم من قواصم الطّلاسم إعداد الشّيخ: أبي جابر عبد الحليم توميات
ـ[سمير زمال]ــــــــ[03 - 11 - 09, 04:50 م]ـ
العواصم من قواصم الطّلاسم
إعداد الشّيخ: أبي جابر عبد الحليم توميات
.الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فإيليا أبو ماضي، شاعر نصرانيّ، ولد عام 1889 في لبنان.
اغترب بأمريكا، وعاش هناك، أين ازداد تسفّلا وهبوطا، فانتقل إلى الإلحاد.
المهمّ أنّه كتب قصيدته هذه المعروفة بـ:" الطّلاسم "، تعبّر عن حيرته وضياعه وهو الّذي لا يدري شيئا! فكانت قصيدته هذه امتدادا للمدرسة الفلسفيّة (اللاّأدريّة
)، القائمة على الطّعن في القطعيّات
والحقائق، والتّشكيك في المسلّمات والعقائد.
والمؤسف أنّ الجماهير لا يزالون يُصفّقون على هذا الشّعر الّذي عُدّ من البلاغة والبيان، وما هو إلاّ عيّ وهذيان ..
وكيف لا ينتشر مثل هذه السّموم، ومّمن رفع رايته وأعلى غايته، أهل الأغاني والكروب والهموم.
.] الدّكتور ربيع سعيد عبد الحليم، من مصر .. بروفيسور في الطبّ ..
يردّ بقصيدة أسماها " فكّ الطّلاسم " ..
.فرأيت أن أسمّيها " العواصم من قواصم الطّلاسم " .. لأنّها تردّ من بغى العلوّ إلى الحضيض، وتدفع الشّبه عن القلب المريض .. فأحببت أن أُسهِم في نشرها
وبثّها، فأعرض عليكم أجزاء من الطّلاسم
وأجزاء من فكِّها، على سبيل الجدل والمناظرة، أو النّقاش والمحاورة
قال الحائرإيليا
جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيتُ
ولقد أبصرت قُدّامي طريقا فمشيتُ
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيتُ
كيفجئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
ويردّ دكتورنا مطمئنّا:
جئت دُنيايَ وأدري، عن يقين كيف جئت
جئت دُنيَاي لأمرٍ، من هُدى الآي جلوت
ولقد أبصرت قُدّامي دليلا فاهتديت
ليت شعري .. كيف ضلّ القوم عنه!؟
ليت شعري!
ويقول إيليا الحائر:
أجديدٌ أنا أم قديم في هذا الوجود
هل أنا حرٌّ طليق أم أسيرٌ في قيود
هل أنا قائدٌ نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنّني أدري………ولكن
لست أدري!
ويردّ الدّكتور:
ليس سرّا ذا خفاءٍ أمرُ ذيّاك الوجود
كلّ ما في الكون إبداع إلى الله يقود
كائنات البَرِّ والبحر على الخلق شهود
ليت شعري! كيف ضلّ القوم رشدا
ليت شعري!
حيرة إيليا:
أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا
أتراني كنت محوا، أم تراني كنت شيئا
ألِهذا اللّغز حلٌّ، أم سيبقى أبديّا
لست أدري .. ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
يقين الدّكتور:
قال ربّي: كُن، فكنت ثم صرت اليوم شيئا
وقُواي مُشرعات، كيف شئت في يديّا
دُمْتُ حُرّا في اختياري إن عصيّا أو رضيّا
عن جَليّ الأمر ضلّوا! كيف ضلّوا؟
ليت شعري!
تساؤل حائر:
قد سألت البحر يوما: هل أنا يا بحر منكا
هل صحيح ما رواه بعضهم عنّي وعنكا
أم ترى ما زعموا زورا وبُهتانا وإفكا
ضحكت أمواجه منّي وقالت:
لست أدري!
أيّها البحر أتدري .. كم مضت ألف عليكا
وهل الشّاطئ يدري أنّه جاثٍ لديكا
وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا
ما الّذي الأمواج قالت حين ثارت
لست أدري!
جواب المطمئنّ:
قد سألت البحر يوما: أَأُجيب النّاس عنكا
فأجاب البحر: هيّا! قد سئمت القول إفكا
أنت مثلي، خَلْقُ ربّي ويَفِيض الصِّدق منكا
ليت شعري! كم نسوه وهو حقّ
ليت شعري!
أيّها البحر كفانا قولهم زورا عليكا
ها هو الشّاطئ يدري أنّه جاثٍ عليكا
ها هي الأنهار أجرتها يد الله إليكا
أحسب الأمواج قالت حين ثارت:
ليت شعري!
يقول إيليا:
كم فتاةٍ مثلِ ليلى وفتًى كابْن المُلَوّح
أنفقا السّاعات في الشّاطئ: تشكو وهْو يشرح
كلّما حُدِّثت أصْغت، وإذا قالت ترنّح
أحفيف الموج سرّ ضيّعاه؟
لست أدري!
يجيب الدّكتور:
" كم فتاةٍ مثلِ ليلى وفتًى كابْن المُلَوّح "
أنصتا للموج فجرا عندما صلّى وسبّح
زغرد الإيمان في قلبيهما حبّا وأفصح
إنّ لاموج دُعاءً .......... أو تدري ...... ؟
ليت شعري!
ويقول إيليا:
إنّ في صدريَ يا بحرُ لأسرارا عِجابا
نزل السِّترُ عليها، وأنا كنتُ الحجابا
ولذا أَزْداد بُعدًا كلّما ازددت اقترابا
وأُراني كلّما أوشكت أدري
لست أدري!
ويجيبه المؤمن:
إنّ في صدريَ يا بحرُ لأنوارا عِجابا
أشْرق الإيمان منها وأنا كنت الرِّحابا
ولذا أَزداد حبّا كلّما ازددتُ اقترابا
ليت شعري! هل أرى الأقوام مثلي
ليت شعري!
ويقول الحائر:
فيك مثلي أيّها الجبّارُ أصداف ورملُ
إنّما أنت بلا ظلِّ، ولي في الأرض ظلُّ
إنّما أنت بلا عقلٍ، ولي يا بحرُ عقلُ
فلماذا يا تُرى أمضي وتبقى
لست أدري!
ويجيبه المؤمن:
قد براك الله مثلي فيك أصداف ورملُ
وبراني الله من ماءٍ وطينٍ، ذاك أصلُ
ثمّ كُرِّمْتُ بعقلٍ وبنفخ الرّوح أعلو
من حباه الله عقلاً، كيف ينسى
ليت شعري!
] قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب (28)}
¥