[مرثية العلامة المحدث مقبل الوادعي]
ـ[عبد الحفيظ المقري]ــــــــ[20 - 08 - 09, 12:27 م]ـ
رحمه الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه القصيدة تُعَدُّ تعزيةً في فقيد الأمة الإسلامية المجدِّد .. الإمام الحجة .. والعالم القدوة .. , محيي السنة .. وقامع البدعة .. , الذي هدى الله به العباد، وانتفعت به البلاد، واستفاد من علمه الحاضر والباد .. , صاحب المؤلفات الوافرة, والتصانيف المتكاثرة .. , المحدث الشهير, والعلامة النحرير ... فضيلة الشيخ الألمعي:
مقبل بن هادي الوادعي
رحمه الله رحمةَ الأبرار .. ووسَّع له في قبره وأنار .. ورفع منزلته في دار القرار .. آمين
إسْبالُ المدامع على فقيد الأمةالرابع
أهكذا الموتُ يخفي اليوم مرآكا * * * * وخلْف أستاره يخفي محيَّاكا؟!
أهكذا الموتُ يرجي كلَّ ذي نَفَسٍ * * * * وينتقيك فريداً حين وافاكا؟!
أهكذا الموتُ ينفي كلَّ رائحةٍ * * * * أريجها كالشذا تزكو برؤياكا؟!
أهكذا الموتُ يطوي كلَّ لائحةٍ * * * * تفيض نوراً بما قد خط كفاكا؟!
أهكذا الموتُ يُنسي كلَّ ذاكرةٍ * * * * كانت لنا سنداً تدعو لذكْراكا؟!
لا، لا يزال رنين الصوت في أذني * * * * يعيه قلبي، فلا تقْطَعْ به فاكا
تقول: عندي سؤالٌ من يجيب على * * * * هذا السؤالِ؟ فكم نحتار في ذاكا
كما تقول: دعوني من أجاب فكم * * * * عندي له درهمٌ يُعطاه مَن جاكا
ولا يزال خيالٌ لا يفارقُني * * * * في كل وقتٍ وإن فارقتُ رؤياكا
فإن سمعتُ لكم صوتاً بأشرطةٍ * * * * هاجتْ دموعيَ حزنًا عند ذكْراكا
وكم صديقٍ دعاني أن أشيدَ بكم * * * * شعراً، أُعزِّي به مَن كان يهواكا
لكن تحطَّم شِعري عندما عَجَزَت * * * * أبياتُه، لم تُقِم شكراً لمسعاكا
حروفُ شعري يتامى حين تفقدُكم * * * * واستعجم الحرفُ لم ينطِق بفحواكا
أضحتْ غصونُ قريضي اليوم ذاويةً * * * * فموتُك الصيفُ لم تظفرْ بلُقياكا
وكيف أكتب شعراً عن سماحتكم * * * * وكلُّ شعرٍ فلن يسمو لعلياكا
أنت ابنُ هادي فكم تهدي هنا أمماً * * * * للشرع، سبحان مَن للشرْع أهداكا
وأنت مقبلُ كم أقبلتَ في نَهَمٍ * * * * على التعلُّم إذ يحويه جنباكا
بالحفظ صرتَ على الأقران مشتهراً * * * * وهل بخاريُ هذا العصر إلَّاكا؟
جعلت وقتَك تحصيلاً وأسئلة * * * * وكم تناقش من بالعلم يلقاكا
ولم تكن قاتلاً في المرء موهبةً * * * * كلا، وكم شَجّعتْ في السير يُمناكا
ذكاؤكم أدهشَ الألبابَ قاطبةً * * * * به تبوح بهذا الدرب عيناكا
تسير في موكب الرحمن داعيةً * * * * لشرْع ربي، فكم بالشرع أعلاكا
ولستَ تدعو إلى تقليد شخصِكمُ * * * * لكنْ إلى سنة المعصوم دعواكا
وكم تقابلُ في ذا الدرب من بِدَعٍ * * * * بِصَارم الحق، قد بدَّدت أفّاكا
جَرَحْتَ كلَّ عدوٍ للرسول ومَن * * * * يرى هداه قديماً حين عاداكا
نصحتَ حقاً ولاة الأمر في شمَمٍ * * * * فلستَ تخشى سوى الرحمن مولاكا
هي الشجاعة مضمارٌ مضيتَ به * * * * نصْراً لصاحب حقٍّ كان يرعاكا
ثباتُ جأشٍ فكم أطفأتَ من فتن * * * * تغدو هباءً إذا ألقيتَ فتواكا
وكان عدلُك شيئاً لا نظير له * * * * لأن منبع ذاك العدلِ تقواكا
وكنتَ في العطف والإيثار مدرسةً * * * * هتافُها بلسان الحزن ناداكا
بل كنتَ في الناس للأخلاق جامعةً * * * * سبحان من بخصال الخير حلَّاكا
زهدتَ عن كل دنيا الناس في ورَعٍ * * * * يا ربّ دنيا لكم داستْها رِجلاكا
وتُظهِر الصدق في قولٍ وفي عملٍ * * * * على حياتك إعلاناً بتقواكا
وكم أتى زائرٌ فاشتاق حين رأى * * * * تواضعاً منك يبدو في محياكا
أنت الكريمُ عظيمُ البذْل نادرةٌ * * * * في الجود، لم تخشَ فقراً كان يغشاكا
(لجأتَ لله لا للناس في ثِقةٍ) * * * * وعند ربك تفريجٌ لبلواكا
وكنتَ للصبر باباً واسعا فلكم * * * * شيّدت بالصبر صرحاً ليس ينساكا
فكم صبرتَ على الأعداءِ في جَلَدٍ * * * * فحزتَ نصراً على مَن كان عاداكا
وكم صبرتَ على الأمراض محتسِباً * * * * خيرَ الجزاءِ مِن الرحمن مولاكا
ألم يكن ذلك (الفيروسُ) ينْهشُ في * * * * كَبْدٍ، وكم بعظيم السُّقْم آذاكا؟
ألم يكن ذاك الاستسقاء يؤْذِنُ في * * * * هلاكِكم، حِميَةٌ أودتْ بِمَحيَاكا؟
ألم يكن في التهاب الصدر ضائقةٌ * * * * من السُّعال، فلم يوقِفْ لمسعاكا؟
¥