تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيًا: ينبغي لك أن تعلم أن تصحيح الكتب وضبطها، والحفاظ على المخطوطات ثغر من ثغور المسلمين، مع العلم أن القائمين على هذا الثغر أغلبهم غير أهل له، أما المؤهلون فهم قليل وجهودهم فردية، ونحن بحاجة إلى أضعاف أضعاف هؤلاء المؤهلين؛ حتى يعيدوا طبع الكتب غير المحقق، ويخرجوا لنا علوم أسلافنا .....

ولا أريد أن أطيل في هذه النقطة، وإنما أضرب لك مثلا بكتابين:

الأول: مصنف عبد الرزاق، ومعلوم أنه مصدر رئيس بجانب مصنف ابن أبي شيبة، في جمع أقول الصحابة مرتبة على أبواب الفقة. بجانب عدة مصادر أخرى غير مخصصة لأقوالهم. وهذا المصنف العظيم ليس له طبعة علمية. حتى مصنف ابن أبي شيبة ظل حتى أول أمس كأخيه، حتى خرجت طبعة عوامة.

الثاني: تدريب الراوي للسيوطي، وكثيرًا ما يسأل طلبة العلم عن أفضل طبعة لهذا الكتاب الأصيل، وأجزم لك وقد كلِفتُ بهذا الكتاب مدة طويلة: لا توجد طبعة علمية، مع توافر مخطوطاته.

ولا يغرنك قول أحدهم عند سؤاله عن طبعات كتاب ما: "أفضل طبعة كذا"؛ لأن ذلك يشبه قول المحدِّثين: أصح حديث في الباب. وربما كان ضعيفًا.

ثالثًا: وهنا الخطوة الأولى في مبادئ التحقيق، وهي دراسة مصطلح الحديث، وضبط أصول هذا العلم من أصوله القديمة. وقد وضع العلماء الطرق الصحيحة لدراسة هذا العلم الشريف، وليس موضع البسط في ذلك.

ثم هناك بعض الأبواب في كتاب المصطلح ينبغي للمحقق أن يضبطها ضبطًا تامًا، وهذا بيان بها:

المحدث الفاصل (باب المعارضة)، والكفاية للخطيب (باب المقابلة وتصحيح الكتاب)، والجامع لأخلاق الراوي (باب وجوب المعارضة بالكتاب لتصحيحه وإزالة الشك والارتياب)، والإلماع (باب في التقييد بالكتاب والمقابلة والشكل والنقط والضبط) و (باب ضبط اختلاف الروايات والعمل في ذلك)، وأدب الإملاء (المعارضة بالمجلس المكتوب وإتقانه وإصلاح ما أفسد منه زيغ القلم وطغيانه)، وابن الصلاح (النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده)، والشذا الفيّاح (1/ 274)، والمقنع (1/ 337)، وفتح المغيث (المقابلة)، وتدريب الراوي (2/ 77)، والدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد (1/ 421 - 466 باب: الأدب مع الكتب التي هي آلة العلم، وما يتعلق بتصحيحها وضبطها، ووضعها وحملها، وشرائها وعاريتها، ونسخها. وغيرذلك).

فإن هذه الأبواب تعطي طالب العلم الأصول في قواعد ضبط النصوص وتصحيح الكتب. وتعطيه أيضًا تصورًا صحيحًا عن تصحيح الكتب عند أسلافنا رحمهم الله؛ مما يعين المحقق على رد أباطيل المستشرقين وأذنابهم، إذ يدَّعون أنهم وضعوا لنا قواعد التحقيق.

ثم يتقن المحقق تخريج الحديث النبوي، ودراسة الأسانيد والعلل؛ لأن معظم المحققين المتقنين من أهل "ضبط النص" لا يعلمون شيئاً في علم الحديث، فبعضهم لا يخرِّج الأحاديث، والذي يخرِّج منهم لا يفهم ما يقوم به، وقد رأيت بعضهم قال في تخريجه: "أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد"!!!!

لذلك ينبغي لطالب العلم أن يجمع بين ضبط النص، وتحقيق أو تخريج الحديث.

رابعًا:

الالتحاق بدبلوم معهد المخطوطات العربية. وقد درستُ في هذا المعهد المبارك، ويقولون عندنا في مصر: "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب". وسوف ألحق في آخر كلامي تعريف بالمعهد ومصروفاته وأساتذته والمواد التي يُدرّسها، وكيفية الالتحاق.

واعلم أن المعهد ليس له أي وجهة شرعية؛ فإنه منظمة تابعة لجامعة الدول العربية، أنشئ للحفاظ على التراث العربي، وتقريبه للباحثين.

وكما سأبيّن لك في التعريف بالمعهد فإنه بجهد قليل – لو كنتَ جادًا – تحصل على الدبلوم ثم العالمية (الماجستير)، ثم العالمية العالية (الدكتوراة) في "علم المخطوطات وتحقيق النصوص"، ولا يخفى عليك أن هذه الإجازات (الشهادات) باب واسع جدًا من أبواب التمكين لأهل العلم الشرعي، وستذكر ما أقول لك.

والدبلوم مقسم أربعة فصول، على سنتين، فيها تأخذ العلم النظري مع بحوث قليل للدربة فقط، ثم في الماجستير والدكتوراة تمارس التحقيق العملي مع مشرفين متخصصين في التحقيق، وفي موضوع الرسالة، فإن كانت في الحديث فغالباً يشرف عليها الشيخ أحمد معبد عبد الكريم مع مشرف آخر، وهكذا

وبجانب الدراسة في المعهد لا بدّ من أن يكون لك قراءات خاصة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير