تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فيقدم الاستعمال الحقيقي على المجازي ويقدّم المعنى الذي يفسره النص على المعنى غير المفسر، وهكذا، كما ينبغي التنبه إلى دقة الاستعمال اللغوي للفظة خاصة في الألفاظ المتقاربة ويحذر من الوقوع في القول بترادف الألفاظ إذ لكل لفظة معنى لا يمكن أن تقوم لفظة أخرى مقامها، ولا تعطي عين المعنى الذي تعطيه لفظة أخرى. وفيما يخص الجانب النفسي لا يخفى ما لهذا الضابط من قيمة، إذ لكل لفظة مراميها النفسية التي لا تقوى لفظة أخرى على أدائها، وقد لمسنا من خلال الدراسة دقة اللفظة القرآنية، ودورها في الكشف عن المعاني النفسية. هاهنا نقطة لا بد من التنبه لها، وهي مهمة جداً في أعمال المفسّرين وهي النظر إلى القرآن دائماً على أنه حاكم على اللغة وحجة لها وليس العكس، فتفسير القرآن يجب أن يكون تبعاً لروحه ومقاصده وليس تبعاً للقواعد والأصول التي يضعها دارسو القرآن، فينبغي الحذر من تفسير القرآن وفق المصطلحات المستحدثة والتوسع اللغوي وفق المناهج الغربية.

5) النظر في ملائمة الأسلوب البياني للهدف منه، إذ كثيراً ما يكون الأسلوب البياني هو المرشد إلى الدلالة الحقيقية للنص، فكما هو معلوم أن لكل هدف من أهداف الكلام أساليب تلائمه وتناسبه، بينما لا تلائمه أساليب أخرى، ولأن القرآن هو الذروة القصوى في كل كلام بليغ كان لا بد من كون الأسلوب الذي يعرض فيه هذا الكلام ملائماً منسجماً، حيث يمكن إجمال الملائمة تلك فيما يخدم الجانب النفسي في النقاط الآتية:

? ملاءمته للهدف العام من الكلام، فلكل هدف من أهداف الكلام أسلوب من القول يلائمه، فما يصلح للترغيب والترهيب لا يصلح للجدل والإقناع وما يصلح للمدح والثناء لا يصلح للهجاء وهكذا.

? ملاءمته للوضع العام للمخاطب، إذ المعروف أنّ الناس أصناف، فما يصلح من الكلام لخطاب العامة لا يصلح لخطاب الخاصة وما يصلح خطاباً للعالم لا يصلح خطاباً للجاهل وما يصلح للأغبياء قد لا يصلح للأذكياء، وما يصلح لأهل الحلم والأناة لا يصلح لأهل الخفة والطيش وما يصلح للكبار لا يصلح للصغار وهكذا، فلكل صنف من أصناف الناس أساليب من القول تلائمهم تكون أكثر تأثيراً فيهم من أي أسلوب آخر، وهذا الأمر يرشدنا إلى الفهم الذي ينبغي أن نراعيه عند تعاملنا مع نصوص القرآن الكريم.

? ملاءمته للحال الخاص للمخاطب: إذ من الطبيعي أن يظهر نتيجة لاختلاف أصناف الناس اختلاف أحوالهم الفكرية والنفسية والاجتماعية، فما يصلح من الحديث لحالة الرضا قد لا يصلح في حال الغضب، وما يصلح لخطاب المرء منفرداً قد لا يصلح له أمام الآخرين.

6) الوقوف على الأغراض البلاغية، وملاحظة التنوع في النظم والتأمل في سرّ تراكيب الجملة القرآنية، ومحاولة البحث عن سرّ اختيار النظم لما هو عليه من تقديم وتأخير وفصل ووصل، وحذف وذكر، وإيجاز وقصر .. وغير ذلك. وفي نظر الباحث أن هذا الضابط من أهم الضوابط التي ترشد إلى المعاني النفسية في ألفاظ القرآن الكريم، ولأجل هذا كان أكثر ما في الرسالة مخصصاً لإدراك هذه الأغراض البلاغية واستخراج المدلولات النفسية منها، ومن الأمور المهمة المتعلقة بهذا الجانب إدراك الصور البيانية والوقوف عند مدلولاتها النفسية، إذ هي أكثر الأساليب البيانية غنىً بالجانب النفسي، حيث ينبغي على مفسّر هذا اللون أن يكون حريصاً على ملاحظة هذه الجوانب بحيث تبقى النتائج في مأمن من الوقوع في مخاطر التأويل.

7) ضرورة ملاحظة قواعد اللغة العربية ومفاهيم الصيغ الصرفية وقواعد الاشتقاق، إذ من المعروف أن لكل صيغة من الصيغ المعروفة في العربية مدلولا يختص بها مع أنها مرتبطة بجذر واحد، وهذا -بلا شك- ينشأ عنه فهم جديد لمعنى الكلمة، فما تدل عليه-مثلاً- لفظة "عليم" غير ما تدل عليه لفظة "عالم" وغير ما تدل عليه لفظة" علاّم" و"معلوم" .. وغير ذلك، إذ حين يدرك المفسّر تلك الفروق بين الصيغ يكون بمقدوره الوقوف على أبعاد الألفاظ ومدلولاتها في جوانبها المختلفة، وفي جانب اللغة العربية وقواعدها ينبغي ملاحظة ترتيب الجملة، وإبراز أسرار تقديم المفعول على الفاعل، وبيان أغراض بناء الفعل للمجهول وإدراك مرامي استخدام الجملة الاسمية والفعلية واستخدام الفعل الماضي والمضارع وما يتعلق بهما. والكشف عن دور ذلك في الكشف عن المعاني النفسية، وقد مرّ في الدراسة ما يدل على

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير