تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كثير من ذلك بما يغني عن الإعادة، ومما تجدر ملاحظته في هذا المقام ما جاء مخالفاً لمقتضى الظاهر في الإعراب إذ يغلب أن يكون وراءه أسرار بديعة كما هو الحال في لفظ: ?وَالصَّابِرِينَ? و?وَالصَّابِئُونَ? و ?وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ?.

8) الالتفات إلى جميع الأوجه التي يهدف إليها النص ويحتملها وعدم تقييد الفهم بوجه ما دام النص يحتمل معانٍ أخرى، إذ من ثراء اللفظ القرآني أنه يدل على أكثر من معنى، وليس من حق المفسّر أن يقتصر على لون واحد أو فهم واحد ويقطع به دون غيره، لكن قد يبدو للمفسّر قوة أحد هذه الوجوه فحينها لا حرج لو نبّه إلى قوة أحد هذه الوجوه وترجيحه مع الإشارة إلى احتمالية الوجوه الأخرى، ومما يتصل بهذا أن النصوص القرآنية قد تكون موجهة لعدة أهداف، ويظهر هذا حينما يكون الخطاب موجهاً إلى جماعة ذات فئات مختلفة وعناصر متباينة؛ "إذ يمكن أن يكون في الوقت نفسه خطاباً للمؤمنين وللكافرين ولصاحب الرسالة بحسب الغرض ففي الوقت الذي يكون فيه –مثلاً- وعداً للمؤمنين نجده يحمل وعيداً للكافرين، وهو في الوقت ذاته قد يكون تسلية للرسول ?".

9) النظر إلى النصوص القرآنية على أنها نصوص متكاملة في الموضوع الواحد، والاستفادة ما أمكن من الآيات المتشابهة، إذ هي المرشد في غالب الأحيان إلى مدلولات النصوص، حيث يمكن لمفسّر القرآن أن يهتدي إلى سرّ من الأسرار النفسية وذلك من خلال جمع الآيات المتشابهة في الموضوع الواحد، وتدبرها وإبراز جوانب الاختلاف فيها، والكشف عن أسرار هذا الاختلاف البسيط في عرضها، وقد يكون أبرز هذا اللون وارداً في القصص القرآني حيث تعرض القصة موجزة تارة ومبسوطة تارة ومطولة تارة ثالثة، ففي هذه الحالة على المفسّر أن يجمع بين النصوص المتشابهة هذه ويدرسها دراسة متأنية، إذ كثيراً ما تكشف هذه الدراسة عن أسرار بديعة ولطيفة، ومن جهة أخرى نجد أن قيمة هذا الضابط تبرز في كونه يستبعد مسألة التكرار في اللفظ القرآني، ويكشف عن لطائف بديعة، ومما يتصل بهذا الضابط جمع التفسيرات الجزئية الواردة في المواقع الأخرى وضمها إلى المعنى الكلي والحرص على بقائها مرتبطة بالمدلول الكلي، والحذر من تخصيص الألفاظ بمعان جزئية أو وقتية. كما تبرز قيمة هذه الملاحظة من كونها تعين المفسّر على إدراك حقيقة التكافؤ في نصوص القرآن الكريم. كما ينبغي التنبه إلى مسألة السنن القرآنية وضرورة فهمها على أنها سنن وقوانين ثابتة، مطردة، هي التي تشكل حركة المجتمع وتعين على فهمه فهماً صحيحاً.

10) ضرورة إلمام المفسّر بالعلوم المتصلة بالقرآن والتي أطلق عليها العلماء"علوم القرآن" إذ كثيراً ما يتوقف فهم النص على الإلمام بمسائل من علوم القرآن الكريم، وهذه المسائل –على كثرتها- ضرورية لا غنى للمفسّر عنها، من ذلك: إلمام المفسّر بما صحّ من أسباب نزول النص، إذ كثيراً ما يكون سبب النزول وسيلة معينة للكشف عن جوانب النص النفسية وغيرها. والناسخ والمنسوخ: إذ يستطيع المفسّر من خلال معرفة النص الناسخ من منسوخه أن يدرك تلك الجوانب التربوية والنفسية التي كانت تراعيها نصوص القرآن في مخاطبة النفوس البشرية وتكليفها. ومنه معرفة المكي من المدني: حيث لا يخفى ما للعلم بهذا من دور في إبراز المعاني النفسية للألفاظ القرآنية، كما أن من شأن هذا العلم أن يكشف للمفسّر عن الجوانب النفسية للمخاطبين بالنصوص القرآنية، وقد يكون له دور في حَلّ كثير من الإشكاليات التي وقع فيها كثير من المفسرين.

وفوق الذي تقدم نجد أن الإلمام بهذا العلم يعين المفسّر على تتبع مراحل التنزيل ومعرفة المتأخر من المتقدم حيث يعين على إدراك الجوانب النفسية التي كانت تراعيها النصوص التشريعية ومن ثم إدراك طبيعة المنهج القرآني في مراحله الدعوية والفكرية والاجتماعية، وهذا ما أدركه بعض المحدثين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير