تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تعلق بدلالة النص، وليس اللفظ وحده ثرياً في نص القرآن، بل إن المعنى الذي يرشد إليه النص ثري أيضاً ولعل هذا الثراء يعود إلى عدة جوانب يذكر الباحث بعضها:

? ما في طبيعة بعض ألفاظ القرآن من مرونة وغنى بحيث نلمس أكثر من معنى للكلمة الواحدة.

? ما في طبيعة بعض تراكيبه من عموم وشمول فيما يحسن فيه العموم والشمول.

? ما في وجوه قراءاته من تباين يختلف معه المعنى ويتعدد ويتكاثر.

? صلاحية ما في جمله من قيود لتعلقها بأكثر من جهة فيتعدد المعنى بتعدد جهات التعلق.

? دلالة الكلمة على المعنى بالجرس والظل، إضافة إلى دلالتها بمعنى الكلمة بعض الأسباب التي تثري معاني النص، إذ في النص طاقات، وما على المفسّر إلا أن يستغل هذه الطاقات ويلتفت إلى المعاني الثابتة للنص.

? وهنا ينبغي الحذر الشديد من الوقوع في مزالق التأويل، إذ التأويل الصحيح –كما أشار إليه ابن القيم -:"ما كان يتبع قصد المتكلم وإرادته أما التأويل الفاسد فهو الذي يتبع فهم السامع وإدراكه"، إذ دلالة الألفاظ متعلقة بمقصد الكلام لا بأشكاله.

? ثمة أمر آخر له تعلق بهذا الضابط وهو ضرورة الانتباه إلى تلك المعاني التي يهدف النص إليها من خلال ما يعرف بأسلوب التضمين الذي يعدّ أحد سبل الإيجاز، حيث يدل على معنيين بلفظ واحد، إذ يحسن الجمع بين المعنيين في هذا". إذ ينبغي الإلمام بالمصطلحات الأصولية المتعلقة بالسياق كـ (النص، الظاهر، المفسر، المحكم، من أقسام واضح الدلالة .. ) ولا يخفى أن ذلك يقتضي من المفسّر أن يكون حافظاً لكتاب الله أو مكثراً لقراءته متدبراً .. فعلى مفسّر القرآن أن ينتبه إلى تعدد المعاني في اللفظ، حيث تجدر الإشارة إلى أن بعض الفقهاء والأصوليين، قد نصوا على أن الكلام الذي يدل على معنيين فأكثر مع عدم التضاد، ولا صارف عن أحدهما فالمعاني كلها مراده ومقصودة ويحمل الكلام عليها معاً، وهذا يعدّ من الفنون البلاغية العالية القائمة على الإيجاز.

14) ضرورة التنبه إلى خلود معاني اللفظ القرآني وتجدد فهم معانيها بتجدد الزمن، إذ لا ينبغي للمفسّر أن يجعلها في حدود الزمان أو المكان، فنصوص القرآن فوق الزمان والمكان، لا تقيدها أزمنة ولا أمكنة، ولا يمكن حصر معانيها بفترة دون فترة، فهي معجزة خالدة تصلح لكل جيل وقبيل، فما ورد من معان على وجه التخصيص أو في حوادث خاصة كان التنبه إلى دخول المتحدث عنه دخولاً أولياً في الفهم والإشارة إلى أن النص لا يمنع من دخول الأحداث المتشابهة للحادثة المتحدث عنها في النص، كما هو الشأن في حادثة المجادلة –على سبيل المثال- إذ هذا الصنيع يرشدنا إلى الكثير من جوانب تشابه السلوك الإنساني على مدار التاريخ، وهذا الضابط ضروري لفهم تجدد النص القرآني وإدراك عالميته، والحرص دائماً على أن يتجنب تضييق وحصر المعنى في حيز جزئي. ويزداد إدراك المفسّر لقيمة هذا الضابط حين ينظر إلى النص القرآني على أنه نص يخاطب الإنسان كل الإنسان، في كل زمان وفي كل مكان، ويخاطب الإنسان في أحواله كلها، وحين يدرك أن الإنسان هو المقصود الأول من نصوص القرآن ولهذا لم تخرج نصوص القرآن من الإطار الذي يخاطب هذا الإنسان ويرشده ويربيه. والتنبه إلى أن التفسير عمل بشري، والقرآن وحي إلهي، مهما أوتي الإنسان من عمق في فهم النص مزوداً بكل وسائل وأدوات الفهم الصحيح فلا يأتي تفسيره مطابقاً للنص المفسّر.

15) ضرورة الالتفات إلى ما تواتر من قراءات في النص، والتنبه إلى جمعها، إذ هي في مجموعها تشكل تكاملاً في المعاني المقصودة من أكثر من جهة فتارة نجدها تؤدي تكاملاً في الأداء البياني وتارة تؤدي تكاملاً في الأداء الفني وتارة تؤدي تكاملاً في الجانب الفكري، وتارة تعرض تكاملاً في الجانب النفسي، وفي هذا المقام على المفسّر النفسي أن يحاول البحث عن الأغراض النفسية لكل وجه من الأوجه التي وردت فيها القراءة دون حكم بصحة بعض الأوجه دون بعض ما دامت كلها متواترة، وهذا الضابط بلا شك يرشد إلى كثير من المعاني النفسية وغير النفسية في اللفظ القرآني.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير