تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكثيراً ماكنت أساءل نفسي عند تلاوة آياته عن معنى كلمة، أو مرجع ضمير، أو دلالة جملة، وأرغب أن أقف على هذا المعنى بوضوح، ورأيت أنَّ الكثير ممن ساهموا بتفسير كتاب تعالى؛ لإعانة القارئ، اقتصروا على معاني بعض الكلمات، أو اكتفوا باختصار بعض العبارات.

وعلى كثرة ـ ما كُتب ـ في عصرنا هذا من تفاسير موجزة مختصرة ميسَّرة لا تخلو من ثغرة ونقص، كما هو شأن الأعمال البشريَّة، ولا أدَّعي لنفسي العصمة من الزلل، ولا السلامة من الخطأ، ولكنَّي سدَّدت وقاربت، وبذلت جهدي في تقديم المعاني الموجزة التي تُقرِّب المعنى، وتحقق الفهم للآيات بأيسر طريق، وأدق عبارة.

بداية العمل في هذا التفسير:

وقد بدأتُ هذا العمل في أول شروعي فيه بالاعتماد على تفسير الخازن ـ (ت: 741) " لباب التأويل"، وهو من أفضل التفاسير وأوضحها وأدقها عبارة، وصاحبه فقيه محدث، وتفسيره ـ مظلوم ـ بتُهمة الإكثار من الإسرائيليات، مع أنه يحذر من تلك الإسرائليات ويدافع عن عصمة الأنبياء، ويحرص على إيراد صحيح الروايات، وقد انتهيتُ من اختصاري في فترة وجيزة، وقدَّمت الكتاب للطباعة، وانتهيتُ من تصحيحه، ليكون عملي مُقَارباً لمن اختصر تفسير الطبري (ت: 310)، أو ابن كثير (ت: 774)، أو الشوكاني (ت: 1250)، أو القاسمي (ت: 1332) ... ممَّا هو منتشر بين أيدي الناس.

ولكنِّي رأيت اختصار تفسير الخازن ـ على نفعه ـ لا يُحقِّق الغاية المرجوَّة التي أطمح إليها، ولا سيما فيما يحتاج إليه القارئ المعاصر من معاني جديدة، وترجيحات سديدة، وتوجيهات مفيدة، ولغة تناسب العصر.

الإشادة بتفسير العلامة الميداني وصلتي به:

وكنتُ أتابع أثناء عملي في "التفسير" ما يصدره شيخنا العلامة الجليل عبدالرحمن حبنكة الميداني ـ (ت: 1425) رحمه الله تعالى ـ من تفسيره التدبُّري العميق "معارج التفكر ودقائق التدبر" وأراجعه فيما يكتب. وقد أُعجبت بمنهجه، وبما فتح الله عليه من فهم عميق، وتدبُّر دقيق لكتاب الله، فأخذت أعيد النظر فيما كتبت، مستفيداً مرحلةً بعد مرحلةٍ مما كان يكتبه في تفسيره الذي أصدره تباعاً وفق مراحل النزول، حتى انتهى من التنزيل المكي ([11]).

ولشيخنا رحمه الله تعالى منهج متميِّز في التدبُّر، أوضح ملامحه، وذكر قواعده في كتابه النفيس "قواعد التدبُّر الأمثل" الذي اشتمل على أربعين قاعدة. ويُعدُّ الشيخ ـ بحق ـ من روَّاد علم التدبُّر في عصرنا هذا، وذلك فضل الله سبحانه يُؤتيه من يشاء من عباده.

ونظراً لطول الكتاب، وكثرة مباحثه، وسعَةَ موضوعاته أولاً، ولاقتصاره على مرحلة التنزيل المكي ثانياً، أحببتُ أن أقدِّم للقارئ المعاصر خلاصة وافية مركَّزة لما كتبه الشيخ في "تفسيره التدبُّري" ليكون مُعيناً لمن أراد التعمُّق في التدبُّر بالرجوع إلى تفسيره، واستجلاء المعاني الدقيقة منه، وقد التمست خطى الشيخ فيما كتبه في تدبُّر السور المدنيَّة مستنيراً ببعض "قواعد التدبُّر الأمثل"، ومُستفيداً ممَّا دوَّنه في بعض كتبه الأخرى مثل: "ظاهرة النفاق"، و "فقه الدعوة"، و "أمثال القرآن"، و "الأخلاق الإسلامية" ... وكلها تدور حول التفسير الموضوعي الذي يتابع مراحل النزول، ويجمع الآيات في موضوع واحد بتناسق وترابط.

أهم مصادري في هذا التفسير:

ورجعتُ في تفسيري هذا إلى مصادر كثيرة أُخرى سوى ما ذكرت، على سبيل الاستئناس والاسترشاد، كالتسهيل لابن جُزي (ت: 741)، وتفسير النسفي (ت: 710)، وابن كثير (ت: 774)،و" الجواهر الحسان في تفسير القرآن" للثعالبي (ت:876)، و" تفسير الجلالين": المحلى (ت:864) والسيوطي (ت:911) و" السراج المنير" للخطيب الشربيني (ت:977). ومن المعاصرين "صفوة البيان" للعلامة حسنين محمد مخلوف (ت: 1402) رحمه الله تعالى، و" المنتخب في تفسير القرآن" الذي أصدره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، و" التفسير الميسر" الذي أصدره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة. واستفدت في تفسير السور المديَّنة، في الأجزاء العشرة الأولى ممَّا كتبه العلامة الفقيه المفسر محمد أبو زهرة (ت: 1394) في تفسيره النافع "زهرة التفاسير" إلى غير ذلك من المصادر المتنوعة الكثيرة، والقراءات المتعددة المستمرة المتَّصلة بكتاب الله عز وجل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير