تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?- ازدادت وظيفة الأمر الإنجازية وضوحا وموقعه المتميز شموخا بين المفاهيم المتعلقة بالشؤون الربانية والإنسانية، من خلال وروده موصوفا " بالحكمة" و"القضاء" و"الفعل" على سبيل التعظيم للشؤون الإلاهية في المجال التكويني، و"بالمرج" على سبيل الذم لأحوال الكفار المضطربة في المجال النفسي، وبالجامع" و"الأمن " و"الخوف" على سبيل إبراز طبيعة شؤون المسلمين في المجال السياسي والحربي، وهو ما يفيد التأكيد على سمات بارزة في مفهوم الأمر بوصفه نتيجة: سمة التحقق والنفاذ والإيجاد على غاية الإحكام، في بعدها الإلاهي، وسمتي التشاور في أمر التمكين لأمر الله والاضطراب في تناقل أخبار الحرب، في بعدهما الإنساني.

?- كشف البحث في علاقات الأمر في القرآن الكريم عن أشكال متنوعة من أوجه الترابط والتغاير، الواصلة للمصطلح بسواه والفارقة له عن سواه؛ فبين أن العلاقة بين "الأمر" و"النهي" مجتمعين ومفترقين في السياق القرآني علاقة متشعبة، وجهها الأول: الائتلاف الذي تجسده صلات التقابل (العموم والخصوص) والتداخل والتلازم والتناظر، ووجهها الثاني: الاختلاف الذي يرقى إلى درجة التضاد، كما بين أن المصطلح تعالق مع الإرادة والحكم, على وجه العموم والخصوص, ومع الوعظ والوعد على وجه التكامل. وبهذه الأوجه العلائقية, تعزز مفهوم الأمر, كما حدد في التعريف, بما هو طلب يتم به التكليف, ودعاء إنساني إلى الخير, وشيطاني إلى الشر, واتضحت سماته بشكل دقيق من خلال تأكيد موقعه التأسيسي ضمن الخطاب التكليفي الإلاهي, وموقعه الرسالي ضمن الخطاب التبليغي الإنساني, وموقعه التخريبي ضمن الوحي الشيطاني. ولعل أهم ما استفيد في ضوء ذلك: بيان منهج القرآن الكريم في التشريع والدعوة والإرشاد, وتحصيل فوائد علمية وعملية, لها أثر كبير في تصحيح الفهم والعمل, وتحريض الإنسان على الامتثال.

?- باستقصاء التراكيب المختلفة التي انضم فيها الأمر إلى غيره من المصطلحات، تكشفت لنا امتدادات المصطلح المفهومية الداخلية, ممثلة في ضميمتي الإضافة: (أمر الله) و (أولو الأمر) وضميمة الإسناد: (الأمر بالمعروف) وضميمتي الوصف "عزم الأمور" و"عاقبة الأمور" وضمائم لغوية أخرى أبرزت اختصاصاته. ولعل أهم ما تحصل من دراسة هذه الضمائم الاصطلاحية:

B أن ضميمة "أمر الله", أشهر ضمائم الأمر في القرآن الكريم وأضخمها, دلت على معنى الشأن الرباني المتعلق بالخلق تدبيرا وتكليفا، وهو ما نمى مفهوم الأمر في مجال التدبير والتكليف, وجلى، بملحظ من حجم الورود وجزئيات المعنى، المكانة العظمى التي يحتلها أمر الله التكويني خاصة في القرآن الكريم, هذه المكانة عززها ورود الضميمة - بهذا المعنى الكوني- موصوفة ب"الفعل" و"القدر المقدور" باعتبار دلالتهما على تحقق أمر الله بمقدار وإحكام, ومقترنة بضميمة إذن الله- بمعناها الكوني- على وجه الترادف والتكامل, في سياق الإنذار بعذاب الله بعد ظهور الآيات، واستعراض أدلة القدرة والنعمة في مجال الكون, وكذا بضميمة "سنة الله" , على وجه العموم والخصوص, في مجال التقدير والتشريع لزواج زينب بالنبي عليه السلام.

B أن انضمام الأمر إلى المعروف أفاد معنى: دعوة هذه الأمة الناس بالقول إلى الأمور المعروفة والمحمودة في العقل والشرع، مما أكسب الأمر قيدا في مفهومه العام، الدال على الطلب، وسعة في هذا المفهوم من جهة دلالة المعروف على مطلق الطاعات التي يستلزمها دين الإسلام، وبذلك احتلت الضميمة موقعا متميزا ضمن تكاليف هذا الدين، وجسدت خصيصة بارزة من خصائص المؤمنين، تثبت خيريتهم وتليق بمقام خلافتهم، وهو ما يزكيه اقترانها بأوثق العرى بمصطلحات ضخمة, شكلت قوام الدين؛ ك"الإيمان", و"إقامة الصلاة" و"الصبر", و"الدعاء إلى الخير", و"إحلال الطيبات", و"النهي عن المنكر" ...

B أن ضميمة "أولوا الأمر" جاءت بمعنى: جماعة من المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليهم يرجع الناس في شؤونهم ومصالحهم، وهو الأمر الذي جعل مفهوم الأمر الدال على الشأن مقيدا بشرط الإيمان, وممتدا إلى كل الأعصار, ومتناولا جميع أهل الحل والعقد من العلماء والأمراء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير