وقال مجاهد: ما السموات والأرض في الكرسيّ إلا بمنزلة حلقة ملقاة في أرض فلاة. وهذه الآية منبِئة عن عِظم مخلوقات الله تعالى، ويستفاد من ذلك عِظم قدرة الله عز وجل إذْ لا يَؤُدُه حفظ هذا الأمر العظيم.
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[12 - 05 - 07, 02:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبحث العرش والكرسي وهو أحد تعليقات
الشيخ عبد الرحيم الطحان على العقيدة الطحاوية
(هما مبحثان مستقلان لكن ندخلهما في هذه الآيات)
العرش في اللغة: سرير المَلِك، والمراد كرسي عظيم مرصع بالجواهر والأحجار الكريمة كحال الملوك القدماء.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن ثلاث عروش: عرشين لمخلوقين وعرش له سبحانه وتعالى استوى عليه: أحد عرشي المخلوقين عرش ملكة سبأ ([7]) وهو عرش بلقيس: ( ... وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم) والثاني عرش نبي الله يوسف ( ... ورفع أبويه على العرش) والله جل وعلا استوى على هذا العرش بكيفية يعلمها ولا نعلمها.
ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال [سمي العرش عرشاً لارتفاعه]، والله يشير لهذا المعنى في كتابه يقول: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات) أي مرتفعة (وغير معروشات) أي منبسطة ليس لها ساق تقوم عليه وذكر العرش معلوم في أشعار العرب في الجاهلية والإسلام، قال أمية بن أبي الصلت (جاهلية):
مجدوا الله فهو للمجد أهل
\\
ربنا في السماء أمسى كبيرا
بالبناء الأعلى الذي سبق الناس
\\
وسوى فوق السماء سريرا
شَرْجَعَنْ ([8]) لا يناله ناظر العين
\\
ترى دونه الملائكة صورا ([9])
وقال عبد الله بن رواحة (قال الإمام ابن عبيد ابن عبد البر في الاستيعاب وهذه القصة ثابتة رُويناها من أوجه صحيحة مشهورة)، وذلك أنه عندما جاءته سٌرِّيته وواقعها على فراش زوجته، فعلمت زوجته بالأمر فاعتراها شيء من الغيرة، فقالت في حجرتي وعلى فراشي، فقال: ما فعلت شيئاً؟ أي لم أفعل شيئاً حراماً، فقالت اقرأ القرآن إن كنت صادقاً لأن الجنب لا يقرأ القرآن، فقال: عبد الله رضي الله عنه:
شهدت بأن الله حق
\\\
وأن النار مثوى الكافرين
وأن العرش فوق الماء طافٍ
\\\
وفوق العرش رب العالمين
وتحمله ملائكة كرام
\\\
ملائكة الإله مسوِّمين ([10])
وقال أيضاً:
وفينا رسول الله يتلو كتابه
\\\
إذا انشق معروف من الفجر ساطعا
وبيت يجافي جنبه عن فراشه
\\\
إذا استقلت بالمشركين المضاجع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
\\\
به موقنات أن ما قال واقع
فقالت زوجته: آمنت بالله وكذبت بصري و الكلام أو سع من أن يكذب ظريف كما قال أئمتنا، فإذا اضطررت للكذب فلا تكذب بل استعمل التورية [11] كما كان إبراهيم انخعي يعمل حيث كان يطلب من ابنه أن يقول لمن يطرق بابه في وقت لا يريد فيه مقابلة أحد، يا بني قل لهم إن إبراهيم ليس هنا، أي ليس موجود في المكان الذي يتكلم فيه أي يشير إلى مكان ليس فيه والده إبراهيم موجوداً فيه، والسامع يظن أن إبراهيم ليس في البيت والدار، وولده صادق، وهو لو قال لهم مشغول فقد يلحون عليه بطلب الدخول أو قد يتضايقون من هذا الجواب (أي لو قال لهم مشغول) فيصرفهم بالتي هي أحسن.
وصفة الاستواء على العرش نقول فيها ما نقول في سائر الصفات فالاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وتقدم معنا أن إيماننا بصفات ربنا إقرار وإمرار (ليس كمثله شيء) إمرار (وهو السميع البصير) إقرار فنقر بالصفة دون البحث في كنها وكيفيتها وكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
والعجز عن درك الإدراك إدارك
\\\
والبحث في كنه ذات الإله إشراك
والصفات تختلف باختلاف الموصوفات، فلكل موصوف معنىً يناسبه من تلك الصفة على حسب ذاته، فمثلاً اليد تختلف فينا بني الإنسان عنها في الكلاب عنها في الأبواب فمن بابٍ أولى أن تختلف يد الخلاق جل وعلا.
¥