وقال الحافظ الذهبي عن هذه القصة في " سير أعلام النبلاء" (1/ 357 - 358): (إسناده لين، وهو منكر).< o:p>
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "لسان الميزان" (1/ 107 - 108): (وهي قصة بينة الوضع) أي مكذوبة.< o:p>
وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (40): (لا أصل له).< o:p>
ومما يردُ هذا أيضاً ما حكاه الحافظ ابن حزم في "المحلى": (3/ 152) من أن بلالاً رضي الله عنه لم يثبت أنه أذّن بعد النبي r إلاّ مرة واحدة بالشام ولم يتم أذانه، وبعد هذا كله كيف يحتج الأخ الحازمي بأثر حكم علماء الحديث بأنه موضوع ومكذوب لا يصلح للاحتجاج؟!.< o:p>
ومن العجائب فهم الأخ الحازمي لقول النبي r : ( لا تشد الرحال إلاّ لثلاثة مساجد .. ) الحديث، حيث ظن أن مفهوم الحديث يمنع شد الرحال مطلقاً لأي شي كان من سفر تجارة أو عملٍ صالح كبناء مسجد أو طلب علم، وهذا لم يفهمه أحد من أهل العلم من هذا الحديث فضلاً على أن يقول به!، وإنما معنى الحديث النهي عن شد الرحال لبقعة ما تعظيماً لها!، فليس في الدنيا بقعة تستحق أن يشد الرحل لها طلباً في بركة العبادة فيها: إلاّ هذه المساجد الثلاثة، تعظيماً لشأنها ولما فيها من الفضيلة، أما غيرها من بقاع الدنيا مهما بلغ قدرها وفضلها فلا يجوز شد الرحال إليها، ومن ذلك قبر النبي r ، قال ابن الأثير في " جامع الأصول" (9/ 283): (لا يقصد موضع من المواضع بنية العبادة والتقرب إلى الله تعالى إلاّ إلى هذه الأماكن الثلاثة، تعظيماً لشانها وتشريفا) اهـ.< o:p>
ولهذا أنكر أبو بصرة رضي الله عنه على أبي هريرة لما خرج إلى الطور للصلاة فيه واحتج عليه بهذا الحديث.< o:p>
ولا يعرض على هذا فضيلة شد الرحل للقيام بفضيلة كزيارة أخ أو طلب علم أو جهاد ونحوه لأن الفضيلة هنا والنظر في الأعمال لا في البقاع، أما من شد الرحل إلى قبر نبيٍ أو وليٍ، أو إلى مسجدٍ من مساجد الدنيا طلباً في فضيلة بقعته فهذا لا يجوز بنصّ هذا الحديث. < o:p>
وما اعترض به الحازمي من أن هذا يلزم منه تعطيل الدعوة!!، وترك بناء المساجد لتعذر السفر إليها: من أعجب العجب فإن هذا كله لا يدخل في النهي في هذا الحديث كما تقدم، ومن رحل إلى أقاصي الدنيا لبناء مسجدٍ لا يقال بإنه قصد تلك البقعة لفضيلتها، ولو كان هذا قصده لثبت المنع مهما كان حال هذا القاصد.< o:p>
وقد قال الأخ الحازمي: (ليس هناك دليل شرعي يحرم أو حتى يكره الزيارة للنبي r في قبره). < o:p>
قلت: وهذا لا يخالف فيه أحد، وليس هو محل النزاع هنا، بل زيارة قبر النبي r مستحبة كحال سائر القبور بل قبره أفضلها!، أما شد الرحل لزيارة قبره من غير قصد المسجد فهذا قد ورد الدليل بمنعه وهو الحديث السابق الذكر مع عدم ورود الدليل الصحيح الذي يحث على إنشاء القصد للسفر إلى قبر الرسول r حتى ولو كان نذراً!!. < o:p>
وقد سئل الإمام مالك بن أنس عن رجل نذر أن يأتي قبر النبي r ؟ ، فقال: إن كان أراد القبر فلا يأتيه، وإن أراد المسجد فليأته ثم ذكر الحديث: (لا نشد الرحال .. )) من "المدونة" (2/ 87) و "الكافي" لابن عبدالبر (1/ 458).< o:p>
فهذا كلام الإمام مالك، وهو من أهل المدينة، وهم من أشد أهل العلم تعظيماً للنبي r واتباعاً حتى عدّ اتفاقهم حجة!، وهو أدرى أهل العلم بمذهب أهلها، وأقربهم عهداً بالصحابة وأبناء الصحابة!، ولو كان إنشاء السفر قصداً لقبر النبي r معمولاً به لعرفه أهل المدينة ولما خفي على مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمه الله تعالى.< o:p>
وأما مقال الأخ نجيب يماني فليس فيه ما يوجب التوقف عنده غير أنه ذكر حديث أبي أمامة: (قال الله عز وجل أحب ما تعبدني به عبدي إلى النصح لي) رواه أحمد.< o:p>
وهذا الحديث قال عنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 87): (فيه عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف!) اهـ.< o:p>
وكان الأولى أن يستدل بالحديث المشهور الصحيح: (الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) رواه مسلم.< o:p>
¥