تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكننا ننكر المصدر الذي أخذت منه وهو مصدر لا يجوز للمسلم أن يجعله إمامه في التشريع، وقد أمر أن يتحاكم إلى الله ورسوله، ولكنا نسخط على الروح الذي يملى هذه القوانين، ويوحي بها، روح الإلحاد والتمرد على الإسلام، في المسائل الخطيرة والقواعد الأساسية، فلا يبالي واضعوها أن يخرجوا على القرآن وعلى البديهي من قواعد الإسلام وأن يصبغوها صبغة أوربية مسيحية أو وثنية، إذا ما أرضوا عنهم أعداءهم، ونالوا ثناءهم، ولم يخرجوا على مبادئ التشريع الحديث!! ". اهـ. باختصار.

وقال العلامة محمد بن ابراهيم آل الشيخ - مفتي المملكة العربية السعودية السابق -: " ... فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع ومستمدات، مرجعها كله إلى كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلهذه المحاكم مراجع، هي القانون الملفق من شرائعٍ شتَّى، وقوانين كثيرة؛ كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشرعية، وغير ذلك؛ فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون". اهـ.

هذا؛ وقد دل القرآن الكريم، على أنه ليس بعد حكم الله تعالى إلا حكم الجاهلية، وعلى أن قسمة الحكم ثنائية؛ إما حكم الله وإما حكم الطاغوت؛ قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُون} [المائدة:50]، والآية الكريمة تدل أعظم دلالة على أن القوانين الوضعية في زمرة الجاهلية، شاء المدافعون عنها أم أبوا، بل هي أسوأ حالاً وأكذب مقالاً.

فتبين لنا من النقلين السابقين الفارق الكبير بين القوانين الوضعية - التي هي من صنع البشر والتي تشجع على الرذيلة والفجور والجرأة على الله وعلى كتابه ودينه، بما اشتملت عليه من تحليل الحرام، وتحريم الحلال -: والشريعة الإسلامية التي مصدرها الكتاب والسنة، وتشتمل على الحكمة والعدل، وصيانة الدماء والأعراض والأموال والحفاظ على الأمن العام ممن تسول له نفسه ارتكاب الجريمة، خوفاً مما سيلحقه من تبعتها، فيستتب الأمن، ويسود الهدوء، والاطمئنان وتطيب الحياة، وتتم النعمة ويُقْمَعُ الشر وأهله.

وليُعْلَم؛ أن حكم الله بين عباده من أهم خصائص الربوبية، ومن مقتضيات "لا إله إلا الله"، وهو التوحيد الذي أرسلت من أجله الرسل وأنزلت الكتب؛ قال الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام:57]، وقال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف:40]، وقال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة:49]، قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89]، وقال: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59] وقال تعالى: {فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ}، وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:70]، وقال تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} [القصص: 88]، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، قال تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} [الكهف:26]، وفي قراءة ابن عامر من السبعة {وَلاَ تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}، قال العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان": "إن الحلال ما أحله الله، وإن الحرام ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير