تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنه إن اتبع أهواءهم بعد الذي جاءه من العلم إنه إذن لمن الظالمين وأخبره أن لكل وجهة هو موليها وكذلك أخبره في غير موضع أنه جعل لكل شرعة ومنهاجا فالشعار من جملة الشرعة

والذي يوضح ذلك أن هذا اليوم عاشوراء الذي صامه وقال نحن أحق بموسى منكم قد شرع قبيل موته مخالفة اليهود في صومه وأمر صلى الله عليه و سلم بذلك ولهذا كان ابن عباس رضي الله عنهما وهو الذي كان يقول كان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء وهو الذي روى قوله نحن أحق بموسى منكم أشد الصحابة رضي الله عنهم أمر بمخالفة اليهود في صوم يوم عاشوراء وقد ذكرنا أنه هو الذي روى شرع المخالفة

وروى أيضا مسلم في صحيحه عن الحكم بن الأعرج قال انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له أخبرني عن صيام يوم عاشوراء فقال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما قلت هكذا كان يصومه محمد صلى الله عليه و سلم قال نعم

وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع يعني مع يوم عاشوراء

وقد مضى قول ابن عباس صم التاسع يعني والعاشر خالفوا اليهود هكذا ثبت عنه وعلله بمخالفة اليهود

قال يحيى بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع عطاء سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول صوموا التاسع والعاشر خالفوا اليهود

وروينا في فوائد داود بن عمرو عن إسماعيل بن علية قال ذكروا عند ابن أبي نجيح أن ابن عباس كان يقول يوم عاشوراء يوم التاسع فقال ابن أبي نجيح إنما قال ابن عباس أكره أن تصوم يوما فردا ولكن صوموا قبله يوما أو بعده يوما

ويحقق ذلك ما رواه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بصوم يوم عاشوراء العاشر من المحرم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح

وروى سعيد بن منصور في سننه عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا يوما قبله أو يوما بعده رواه أحمد ولفظه صوموا قبله يوما أو بعده يوما

ولهذا نص أحمد على مثل ما رواه ابن عباس وأفتى به

فقال في رواية الأثر أنا أذهب في يوم عاشوراء إلى أن يصام يوم التاسع والعاشر لحديث ابن عباس صوموا التاسع والعاشر وقال حرب سألت أحمد عن صوم يوم عاشوراء فقال نصوم التاسع والعاشر

وقال في رواية الميموني وأبي الحارث من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة ايام ابن سيرين يقول ذلك

وقد قال بعض أصحابنا إن الأفضل صوم التاسع والعاشر وإن اقتصر على العاشر لم يكره

ومقتضى كلام أحمد أنه يكره الاقتصار على العاشر لأنه سئل عنه فأفتى بصوم يومين وأمر بذلك وجعل هذا هو السنة لمن أراد صوم عاشوراء واتبع في ذلك حديث ابن عباس وابن عباس كان يكره إفراد العاشر على ما هو مشهور عنه

ومما يوضح ذلك أن كل ما جاء من التشبه بهم إنما كان في صدر الهجرة ثم نسخ ذلك لأن اليهود إذ ذاك كانوا لا يميزون عن المسلمين لا في شعور ولا في لباس لا بعلامة ولا غيرها

ثم إنه ثبت بعد ذلك في الكتاب والسنة والإجماع الذي كمل ظهوره في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما شرعه الله من مخالفة الكافرين ومفارقتهم في الشعار والهدى

وسبب ذلك أن المخالفة لهم لا تكون إلا بعد ظهور الدين وعلوه كالجهاد وإلزامهم بالجزية والصغار فلما كان المسلمون في أول الأمر ضعفاء لم يشرع المخالفة لهم فلما كمل الدين وظهر وعلا شرع ذلك

ومثل ذلك اليوم لو أن المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما عليه في ذلك من الضرر بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة

فأما في دار الإسلام والهجرة التي أعز الله فيها دينه وجعل على الكافرين بها الصغار والجزية ففيها شرعت المخالفة وإذا ظهرت الموافقة والمخالفة لهم باختلاف الزمان ظهرت حقيقة الأحاديث في هذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير