تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل وكل شيء في الشريعة مربوط بالوعد والوعيد الذي يسخر منه العقاد، فإيمان المؤمنين سببه معرفتهم باليوم الآخر {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} الأنعام 92، وكفر الكافرين سببه جهلهم باليوم الآخر {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} المؤمنون74، {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} النحل22. وهذا صريح أعرفه في كل سور القرآن الكريم بل في كل آياته، ولا أبالغ، ويضيق المقام عن التفاصيل.

والرجل ينكر المعجزات، ويسخر منها ويتطاول عليها بتسميته إياها (الخوارق المكذوبة)، وهي ليست مكذوبة، وإنما صادقة جاءت بها الأخبار عن جميع المرسلين.وهي ضرورة لتصديق النبي، أي نبي، فلا يكون النبي نبياً حتى يأتي بمعجزة حسية، كتكلم الجمادات بين يديه، وشفاء من لا يرجى شفاؤه، أو غيبية كالإخبار عن غيب، فهاتان أمارتان على أن المتكلم بها مؤيد من الله العليم الخبير القادر على كل شيء.

والعارفون من المختصين في الحوار مع النصارى وغيرهم يعلمون أن دعوى النبوة لا دليل عليها غير المعجزة والإخبار بالغيب (23) ولكن العقاد ينكر الوحي وينكر الرسالة ويعطي تفسيراً آخر للنبوة فأنى له أن يقر بالمعجزات؟!

لابد له أن يجحد كي يستر سوءته.

خالد بن الوليد رضي الله عنه

كالبقية (العباقرة) لا يرى أثراً للعقيدة فيهم. يقول عن خالد ـ رضي الله عنه ـ (مدخر للقيادة والرئاسة بميراث حسبه وطبعه، وملكات نفسه وجسده) (24)!!

بل هو لم يكتب عبقرية خالد إلا لبيان أنْ ليس للعقيدة أثر في شخصية خالد وإنما: (أعمال خالد تعنينا في هذا الكتاب لمقصدٍ واحد، وهو الرجوع بها إلى مصدرها من نفسه وعقله ومقومات شخصه) (25)، وفي (عبقرية خالد) يؤكد أن خالداً إنما انتصر بما له من صفات شخصية يقول في نهاية بحثه عن خالد وهو يلملم أفكاره ومفاهيمه التي يريد أن يقدمها للقارئ من هذا البحث يقول (وإجمال القول في توفيق خالد بن الوليد أنه لم تعوزه قط صفة من صفات القائد الكبير المفطور على النضال: وهي الشجاعة والنشاط والجلد واليقظة وحضور البديهة وسرعة الملاحظة وقوة التأثير. كان يضع الخطة في موضعها ساعة الحاجة إليها) (26).لا مجال للعقيدة أبداً.

وأقول: لولا الدعوة لبقى هؤلاء جميعاً في الوديان حول الآبار يرعون الإبل والأغنام وما سمعنا بهم، وما تجرأ أحدهم على الخروج من بين أغنامه إلا لتجارة أو سياحة. المؤثر الحقيقي هو العقيدة وليس الأفراد، وإن شاء الله تعالى أتعرض لأصرح نموذج يقدمه العقاد دليلا على فكرته، وهو خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ لأبين أن قراءته معكوسة لا تصلح، وأن الرجل يمتطي الكذب ويستخف بالعقول. فقط أسأل: كيف وصل العقاد إلى هذه الكلام الذي يقوله لخالد؟ ماذا تقول تحليلات العقاد؟

وصل إلى هذه النتيجة ـ الموجودة أصلاً قبل البحث ـ بالتلفيق واللف والدوران حول الدليل والتحايل عليه.كما هي عادته. وهاأنذا أبين لك حتى لا تخضع ثانية بالعقاد.

يريد أن يسند جَلَدَ خالد ـ رضي الله عنه ـ وقوته في الحرب إلى بيئته وليس إلى عقيدته، فيقول (وموضع الترجيح والاستنتاج هنا إنما هو في إرسال خالد إلى البادية قصداً لرياضة النفس والجسد على خشونة الأعراب وشدائد الميادين .. فهذا، وإن جرت به عادة بعض الأشراف في حواضر الحجاز، لم يقطع به قول من الأقوال في سيرة الوليد ابن المغيرة وبنيه (الشهود) على احتمال الشهادة للمعنى الذي قدمناه. ولكن الأمر الموثوق به كل الثقة، والذي لا موضع فيه لترجيح ولا استنتاج أن خالداً قد نشأ حيث نشأ في الحاضرة أو البادية مستعداً للخشونة مستطيعاً لمعيشة الأعراب، مستجيب السليقة والبيئة لما يتكلفه المجاهد في أوعر القفار وأعنف الحروب)

ماذا يفعل؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير