وهو من الجملة لون عجيب وبناء غريب تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين فيكون مخطئاً في ذلك الاجتهاد ومرة يزعم فيما يقول ويدعيه أنه من جملة المقلدين،فيكون من قلده مخطئاً في ذلك الاعتقاد، نسأل الله سبحانه أن يلهمنا رشدنا ويرزقنا الهداية والسداد)) اهـ
ويعجبني في حكاية حالي قول الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: ((الإعراضُ عن القولِ المطرحِ أحري لإماتتِه وإخمالِ ذكرِ قائلِه وأجدُرُ ألَّا يكونَ ذلك تنبيهاً للجهال عليه غير أنَّا لمَّا تخوفنا من شرورِ العواقبِ واغترارِ الجهلةِ بمُحْدَثاتِ الأمورِ وإسراعِهم إلي اعتقادِ خطإِ المخطئين والأقوالِ الساقطةِ عند العلماءِ رأينا الكشفَ - عن فسادِ قولِه ورد مقالِته بقدرِ ما يليقُ بها من الردِ - أجدي علي الأنامِ وأحمدَ للعاقبةِ إن شاءَ اللهُ)) انتهي
وقد رأيت التذييل بالرد على ما افتراه السبكي في كتابه (السيف الصقيل في الرد علي ابن زفيل) حول ما يتعلق بموضوع المقالة وكذلك ما حَشَّى به الكوثري حواشيه مما يتعلق بذلك. رأيت ذلك التذييل مفيداً وكذلك الرد على فتوى السبكي لأن في الاكتفاء بالرد على ذلك المجهول تشهيراً به وإذاعة له وهو أدني من ذلك كما قال ابن القيم:
إنَّ الكلامَ مع الكبارِ وليسَ مَعْ
تلك الأراذلِ سِفْلةِ الحيوانِ
أوساخِ هذا الخلقِ بل أنتانِه
جيفِ الوجودِ وأخبثِ الإنسانِ
الطالبين دماءَ أهلِ العِلمِ بالـ
كفرانِ والعُدوانِ والبُهتانِ
الشاتمي أهلِ الحديثِ عداوةً
للسُّنةِ العليا مع القرآنِِ
جعلوا مسبتهَم طعامَ حُلُوقِهم
فاللهُ يقطعُها من الأذقانِ
والله المستعان في الرد علي باطل ذلك المجهول لفظة لفظة لعل الله أن يهدي بذلك متطلباً لهداية أو راغباً في سلامة والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الرَّدُّ عَلَى الإِطْلَالَةِ
قال المجهول: ((قال ابن تيمية كما في (المنتقى من منهاج السنة) ط 1418هـ أوقاف المملكة ص122: ((والكتاب والسنة ليس فيهما، لفظة (ناصبة) ولا (مشبهة) ولا (حشوية) بل ولا فيهما لفظ (رافضي) فنحن إذا قلنا (رافضة) نذكره للتعريف، لدخول أنواع مذمومة بالنص فيه، فيبقى علما على هؤلاء الجهلة الذين عدموا الصدق والتوفيق)) اهـ. فإذا علمت هذا بان لك أن كل هذه الألفاظ ليست في الكتاب ولا السنة فكيف جاز إطلاقها؟؟ نعم لا مشاحة في الاصطلاح وهذا ما عناه ابن تيمية.فإن قلت: (الحشوية) أطلقته المعتزلة أولاً.فالجواب من وجوه: أولاً: كلمة (الرافضة) أول من أطلقها الزيدية أيضاً وهم يرون الخروج أولاً، ثم هم على رأي واصل بن عطاء ثانياً، فلو لم يجز إطلاق حشوية لأن أول من نطق بها المعتزلة وهم مبتدعة، لما جاز إطلاق رافضة لأن أول من أطلقها الزيدية، فالجواب على هذا هو جوابنا على ذاك)) اهـ
قلت: يتبع الكاتب سنة خبيثة من سنن سلفه متكلمة أهل الأهواء في تأليف أقيسة من منتاقضات؛ فهو يضع ألفاظ (الناصبة، والمشبهة، والرافضة) - التي ارتضتها كافة الفرق الصفاتية المنسوبة إلي السنة في الجملة كالأشاعرة والكلابية لتعيب بها أهل الأهواء - كمقيس عليه ويجعل لفظة (الحشوية) - التي لم ترتضها فرقة صفاتية واحدة لا سالمية ولا كلابية ولا كرامية ولا أشعرية لتعيب بها أهل البدع - كمقيس ثم يحصل ناتجاً لمتناقضين ويحسب أنه يحسن صنعاً.
وحاله في ذلك القياس السفسطائي تذكرني بحال سلفه الكرابيسى لما ألف كتابه (المدلسين) وانتصر للحسن بن صالح علي شعبة وغيره من أئمة الحديث قائلاً [[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn4)] : (( إن قلت إن الحسن بن صالح كان يرى رأي الخوارج فهذا ابن الزبير قد خرج)) اهـ فيقيس الحسن بن صالح علي عبد الله بن الزبير ولما يدر بعد البون الشاسع بينهما رتبة وعلماً وفضلاً ... إلخ فلما بلغ ذلك أحمد بن حنبل قال: ((هذا قد جمع للمخالفين مالم يحسنوا أن يحتجوا به، حذروا عن هذا)) ونهى عنه.
¥