تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال: ((ثالثاً: لا نسلم بأن عمرو بن عبيد أول من أطلقها لما نقل من إطلاق أهل السنة إياها في مجلس الحسن البصري، ففي شرح المنهاج للإمام الإسنوي (1/ 309): فائدة: اختلف في الحشوية، فقيل بإسكان الشين، لأن منهم المجسمة، والجسم محشو، والمشهور أنه بفتحها، نسبة إلى الحشا، لأنهم كانوا يجلسون أمام الحسن البصري في حلقته فوجد كلامهم رديئاً فقال ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة، أي جانبها، والجانب يسمى حشا ومنه الأحشاء لجوانب البطن)) اهـ

قلت: الذين ذكر أن الحسن أوعز بفعل ذلك بهم على فرض صحة الحادثة من أصلها لم تثبت عنهم بدعة ولا حكيت لهم جريرة ولا حفظت فيهم مقالة وإنما ردهم إلى حشا المجلس سنة أهل العلم فيمن عرف عنه قلة الحظ من الفهم أو عدم نقاء القريحة فإنهم كانوا لا يصدِّرون روؤس المجالس إلا من اقتفى العلم والأثر ثلاثين سنة؛ قال أبو عاصم النبيل:" سمعت سفيان الثوري وقد حضر مجلسه شاب من أهل العلم وهو يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم على من هو أكبر منه، قال: فغضب سفيان وقال: لم يكن السلف هكذا، كان أحدهم لا يدعي الإمامة ولا يجلس في الصدر حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وأنت تتكبر على من هو أسن منك، قم عني ولا أراك تدنو من مجلسي" اهـ من (المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي: ص 388) ولذا قال مالك في (السير 8/ 108): ((كان الرجل يختلف إلى الرجل ثلاثين سنة يتعلم منه)) اهـ وقال القعنبي (السير 10/ 259): ((اختلفت إلى مالك ثلاثين سنة)) اهـ وكانوا رحمهم الله يقربون الأنجاب والأذكياء ويقصون السفل والمفرِّطين وعامة الناس،ولذا قال في شرح الكوكب: ((وَسُمُّوا حَشْوِيَّةً؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي حَلْقَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَمَامَهُ ..... إلخ)) اهـ الحاصل أن هذا المذهب هو المتعين في تخريج تلك الحكاية التي لا أجد للإسنوي وأمثاله عليها متابعاً.

وقد اختلف الناس في الحشوية أهي بفتح الشين أو بإسكانها فقال ابن الصلاح: إن الفتح غلط ولا يصح على ذلك تخريج حكاية الحسن لأنه قال بزعمهم (ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة) ونقل بعضهم (حشي) بدلاً من (حشا) وهو غير مشهور وضبطها بالوجهين الزركشي والبرماوي وغيرهما وعليه الإسنوي وقد ذكر التفصيل .... والله أعلم

ثم قال: ((فإن قلت: هذا نقل بلا سند، قلنا: وذاك نقل بلا سند، لكن هذا مشهور بصيغة الجزم، وذاك غير مشهور بصيغة التمريض، فأنت بين ثلاثة أمور، إما الجمع بينهما، أو الترجيح، أو إسقاطهما والتوقف)) اهـ

قلت: هذا نقل بلا سند غير مستفيض ولا معروف لا في كتب المقالات ولا غيرها بل المحكي عنهم قوم لا جريرة مذكورة لهم وأما النقل عن عمرو بن عبيد فمستفيض ومحتمل وهو من هو رأساً للبدعة والضلالة. وأما عن صيغة التمريض فقد مر الجواب. وسبيل الرد في المسألة الأخيرة هو الترجيح.

ثم قال: ((أما الجمع فنقول عمرو بن عبيد كان أحد المعتزلين لحلقة الحسن البصري وأحد من لقبهم الناس من أهل السنة بالحشوية لرداءة كلامهم)) اهـ

قلت: وهذا تخرص بلا دليل ولا تعليل ولا قرينة صحيحة إنما هو محض التكهن الكاذب (إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) و (ذلك مبلغهم من العلم).

ثم قال: ((فقال عمرو بن عبيد عن ابن عمر بأنه حشوي، يقصد إن كان ما نقول في القدر ونحوه حشو فعبدالله بن عمر حشوي، وهذا لسوء فهمه وضعف عقله)) اهـ

قلت: وهذا غلط فإن ابن عمر لا وجه لشبه كلامه بكلامهم في القدر البتة بل لما بلغته مقالتهم قال ليحيي بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن: ((إذا لقيت أولئك فأخبرهم أنى برئ منهم وأنهم براء منى والذى يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحدٍ ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر)) ثم ساق حديث جبريل الشهير. الحاصل أن هذا جمع لا يستقيم كما هو بين.

وقد ذكر العلامة عبد الرزاق عفيفي سبب ذلك النعت فقال في تعليقه على الإحكام للآمدي (1/ 229): ((أول من استعمل لفظ الحشوية عمرو بن عبيد؛ قال: كان عبد الله بن عمر حشوياً. يريد بالحشوية: الأميين! ... )) اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير