جحد ما أثبته الله لنفسه كفر) فيمرون النصوص كما جاءت علي ظاهر معناه مع اعتقاد ان الله ليس كمثله شيء ولا يشبه شيئاً من خلقه. وأما قوله (ولم يقنعوا بأن قالوا .... إلخ) فكما قال ابن القيم:
ما ذنبهم ونبيهم قد قال ما قالوا كذاك منزل الفرقان
ما الذنب الا النصوص لديكم إذ جسمت بل شبهت صنفان
ما ذنب من قد قال ما نطقت له من غير تحريف ولا عدوان
ما ذنب أهل السنة إذ قالوا إن لله صفات موافقين ما جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة أن أمير رجلاً بعث أميراً علي عهد رسول الله فكان يقرأن لهم فيختم بقل هو الله أحد فسألوه عنها فقال (لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا) فأقره النبي وقال: (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّهُ)؟!
وروي البيهقي في (الأسماء والصفات 2/ 38 - 39) بسند حسن عن ابن عباس أَنَّ الْيَهُودَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَمْ يُولَدْ، فَيَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَلا شَبَهٌ فَقَالَ: هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَدَّسَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا الحسن بن موسى، حَدَّثَنَا أبو هلال محمد بن سليم، حَدَّثَنَا رجل، أن ابن رواحة البصري، سأل الحسن فقال: يا أبا سعيد هل تصف لنا ربك؟ قال: نعم، أصفه بغير مثال.
ولم ينكر لفظ الصفة فيما نعلم أحد من المنتسبين إلى السنة غير ما حكاه أبو محمد ابن حزم لما قال: ((وأما إطلاق لفظ الصفاة لله تعالى عز وجل فمحال لا يجوز لأن الله تعالى لم ينص قط في كلامه المنزل على لفظة الصفات ولا على لفظ الصفة ولا حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن لله تعالى صفة أو صفات نعم ولا جاء قط ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا عن أحد من خيار التابعين ولا عن أحد من خيار تابعي التابعين ومن كان هكذا فلا يحل لأحد أن ينطق به ولو قلنا أن الإجماع قد تيقن على ترك هذه اللفظة لصدقنا فلا يجوز القول بلفظ الصفات ولا اعتقاده بل هي بدعة منكرة قال الله تعالى. إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن تتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى.
وإنما اخترع لفظ الصفات المعتزلة وهشام ونظراؤه من رؤساء الرافضة وسلك سبيلهم قوم من أصحاب الكلام سلكوا غير مسلك السلف الصالح ليس فيهم أسوة ولا قدوة وحسبنا الله ونعم الوكيل)) انتهى وهذا كلام ظاهرة سوأته وبائنة عورته ولا يحل اعتقاده لمخالفته النصوص الصحيحة المتقدمة والله أعلم.
وأما قوله (قالوا: (لا نحملها على توجيه اللغة، مثل (يد) على معنى نعمة وقدرة، ولا (مجيء وإتيان) على معنى بِرٍّ ولطف، ولا (ساق) على شدة)، بل قالوا: (نحملها على ظواهرها المتعارفة) اهـ
وهذا كلام بين الخطأ فإن كانت يد بمعني (نعمة وقدرة) فما معني قوله تعالى (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)؟! ألله نعمتان أو قدرتان؟ كلا، بل هي يد حقيقية لا تشابه أيدي المخلوقين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. قال أبو الحسن الأشعري في كتابه (الإبانة عن أصول الديانة): " قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟
قيل: نقول ذلك بلا كيف وقد دل عليه قوله تعالى: (يد الله فوق أيديهم) وقوله تعالى: (لما خلقت بيدي) وروي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته) فثبتت اليد بلا كيف وجاء في الخبر المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم (أن الله تعالى خلق آدم بيده وخلق جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده) ... وقال تعالى: (بل يداه مبسوطتان) وجاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (كلتا يديه يمين) وقال تعالى: (لأخذنا منه باليمين) وليس يجوز في لسان العرب ولا في عادة أهل الخطاب
¥