تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إبليس آدم صلى الله عليه و سلم في أن خلق بهما [].وليس يخلو قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) أن يكون معنى ذلك إثبات يدين نعمتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين جارحتين [أي كيدي المخلوقين]. تعالى الله عن ذلك أو يكون معنى ذلك إثبات يدين قدرتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين [] لا توصفان إلا كما وصف الله تعالى فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل: عملت بيدي وهو نعمتي. ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين ولا يجوز عند خصومنا أن يعني قدرتين.

وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع وهو أن معنى قوله تعالى: (بيدي) إثبات يدين ليستا جارحتين ولا قدرتين ولا نعمتين لا يوصفان إلا بأن يقال: إنهما يدان ليستا كالأيدي خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت. وأيضاً فلو كان معنى قوله تعالى: (بيدي) نعمتي لكان لا فضيلة لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس في ذلك على مذاهب مخالفينا لأن الله تعالى قد ابتدأ إبليس على قولهم كما ابتدأ آدم صلى الله عليه و سلم وليس تخلو النعمتان أن يكونا هما بدن آدم صلى الله عليه و سلم أو يكونا عرضين خلقا في بدن آدم عليه الصلاة و السلام فلو كان عنى بدن آدم عليه السلام فلأبدان عند مخالفينا من المعتزلة جنس واحد وإذا كانت الأبدان عندهم جنسا واحدا فقد حصل في جسد إبليس على مذاهبهم من النعمة ما حصل في جسد آدم صلى الله عليه و سلم وكذلك إن عنى عرضين فليس من عرض فعله في بدن آدم صلى الله عليه و سلم من لون أو حياة أو قوة أو غير ذلك إلا وقد فعل من جنسه عندهم في بدن إبليس وهذا يوجب أنه لا فضيلة لآدم صلى الله عليه و سلم على إبليس في ذلك والله تعالى إنما احتج على إبليس بذلك ليريه أن لآدم صلى الله عليه و سلم في ذلك الفضيلة فدل ما قلناه على أن الله عز و جل لما قال: (خلقت بيدي) لم يعن نعمتي. ويقال لهم: لم أنكرتم أن يكون الله تعالى عنى بقوله: (بيدي) يدين ليستا نعمتين؟

فإن قالوا: لأن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة. قيل لهم: ولم قضيتم أن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة؟ وإن رجعونا إلى شاهدنا أو إلى ما نجده فيما بيننا من الخلق فقالوا: اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة. قيل لهم: إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله تعالى فكذلك لم نجد حيا من الخلق إلا جسما لحما ودما فاقضوا بذلك على الله - تعالى عن ذلك - وإلا كنتم لقولكم تاركين و لاعتلالكم ناقضين وإن أثبتم حياً لا كالأحياء منا فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله تعالى عنهما يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا كالأيدي؟

وكذلك يقال لهم: لم تجدوا مدبرا حكيما إلا إنسانا ثم أثبتم أن للدنيا مدبرا حكيما ليس كالإنسان وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم فلا تمنعوا من إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين من أجل أن ذلك خلاف الشاهد فإن قالوا إذا أثبتم لله عز و جل يدين لقوله تعالى: (لما خلقت بيدي) فلم لا أثبتم له أيدي لقوله تعالى: (مما عملت أيدينا)؟

قيل لهم: قد أجمعوا على بطلان قول من أثبت لله أيدي فلما أجمعوا على بطلان قول من قال ذلك وجب أن يكون الله تعالى ذكر أيدي ورجع إلى إثبات يدين لأن الدليل عنده دل على صحة الإجماع وإذا كان الإجماع صحيحا وجب أن يرجع من قوله أيدي إلى يدين لأن القرآن على ظاهره ولا يزول عن ظاهره إلا بحجة فوجدنا حجة أزلنا بها ذكر الأيدي عن الظاهر إلى ظاهر آخر ووجب أن يكون الظاهر الآخر على حقيقته لا يزول عنها إلا بحجة. فإن قال قائل: إذا ذكر الله عز و جل الأيدي وأراد يدين فما أنكرتم أن يذكر الأيدي ويريد يدا واحدة؟ قيل له: ذكر تعالى أيدي وأراد يدين لأنهم أجمعوا على بطلان قول من قال أيدي كثيرة وقول من قال يدا واحدة فقلنا يدان لأن القرآن على ظاهره إلا أن تقوم حجة بأن يكون على خلاف الظاهر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير