تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حججهم التي يذكرونها حجج ضعيفة لأنهم يقصدون إثبات حق وباطل فلا يقوم على ذلك حجة مطردة سليمة عن الفساد بخلاف من اقتصد في قوله وتحرى القول السديد فإن الله يصلح عمله كما قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم)) [الأحزاب: 70 – 71] وفيه من الحق الإشارة إلى الرد على من انتحل مذهب السلف مع الجهل بمقالهم أو المخالفة لهم بزيادة أو نقصان فتمثيل الله بخلقه والكذب على السلف من الأمور المنكرة سواء سمى ذلك حشواً أو لم يسم وهذا يتناول كثيراً من غالية المثبتة الذين يروون أحاديث موضوعة في الصفات مثل حديث عرق الخيل ونزوله عشية عرفة على الجمل الأورق حتى يصافح المشاة ويعانق الركبان وتجليه لنبيه في الأرض أو رؤيته له على كرسي بين السماء والأرض أو رؤيته إياه في الطواف أو في بعض سكك المدينة إلى غير ذلك من الأحاديث الموضوعة ..... والمقصود أن كلامه فيه حق وفيه من الباطل أمور أحدهما قوله لا يتحاشى من الحشو والتجسيم ذم للناس بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان والذي مدحه زين وذمه شين هو الله والأسماء التي يتعلق بها المدح والذم من الدين لا تكون إلا من الأسماء التي أنزل الله بها سلطانه ودل عليها الكتاب والسنة أو الإجماع كالمؤمن والكافر والعالم والجاهل والمقتصد والملحد. فأما هذه الألفاظ الثلاثة فليست في كتاب الله ولا في حديث عن رسول الله ولا نطق بها أحد من سلف الأمة وأئمتها لا نفياً ولا إثباتاً. وأول من ابتدع الذم بها المعتزلة الذين فارقوا جماعة المسلمين فاتباع سبيل المعتزلة دون سبيل سلف الأمة ترك للقول السديد الواجب في الدين واتباع لسبيل المبتدعة الضالين وليس فيها ما يوجد عن بعض السلف ذمه إلا لفظ التشبيه فلو اقتصر عليه لكان له قدوة من السلف الصالح ولو ذكر الأسماء التي نفاها الله في القرآن مثل لفظ الكفؤ والند والسمى وقال منهم من لا يتحاشى من التمثيل ونحوه لكان قد ذم بقول نفاه الله في كتابه ودل القرآن على ذم قائله ثم ينظر هل قائله موصوف بما وصفه به من الذم أم لا فأما الأسماء التي لم يدل الشرع على ذم أهلها ولا مدحهم فيحتاج فيها إلى مقامين أحدهما بيان المراد بها والثاني بيان أن أولئك مذمومون في الشريعة. والمعترض عليه له أن يمنع المقامين فيقول لا نسلم أن الذين عنيتهم داخلون في هذه الأسماء التي ذممتها ولم يقم دليل شرعي على ذمها وإن دخلوا فيها فلا نسلم أن كل من دخل في هذه الأسماء فهو مذموم في الشرع.

الوجه الثاني: أن هذا الضرب الذي قلت أنه لا يتحاشى من الحشو والتشبيه والتجسيم إما ان تدخل فيه مثبتة الصفات الخبرية التي دل عليها الكتاب والسنة أو لا تدخلهم فإن أدخلتهم كنت ذاماً لكل من أثبت الصفات الخبرية ومعلوم أن هذا مذهب عامة السلف ومذهب أئمة الدين. بل أئمة المتكلين يثبتون الصفات الخبرية في الجملة وإن كان لهم فيها طرق كأبي سعيد ابن كلاب وأبي الحسن الأشعري وأئمة أصحابه كأبي عبدالله ابن مجاهد وأبي الحسن الباهلي والقاضي أبي بكر بن الباقلاني وأبي إسحق الاسفرائيني وأبي بكر بن فورك وأبي محمد بن اللبان وأبي علي بن شاذان وأبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي وغير هؤلاء فما من هؤلاء إلا من يثبت من الصفات الخبرية ما شاء الله تعالى وعماد المذهب عنهم إثبات كل صفة في القرآن وأما الصفات التي في الحديث فمنهم من يثبتها ومنهم من لا يثبتها فإذا كنت تذم جميع أهل الإثبات من سلفك وغيرهم لم يبق معك إلا الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم على نفي الصفات الخبرية من متأخري الأشعرية ونحوهم ولم تذكر حجة تعتمد فأي ذم لقوم في أنهم لا يتحاشون مما عليه سلف الأمة وأئمتها وأئمة الذام لهم وإن لم تدخل في اسم الحشوية من يثبت الصفات الخبرية لم ينفعك هذا الكلام بل قد ذكرت أنت في غير هذا الموضع هذا القول وإذا كان الكلام لا يخرج به الإنسان عن أن يذم نفسه أو يذم سلفه الذين يقر هو بإمامتهم وأنهم أفضل ممن اتبعهم كان هو المذموم بهذا الذم على التقديرين وكان له نصيب من الخوارج الذين قال النبي لأولهم لقد خبت وخسرت إن لم أعدل يقول إذا كنت مقرا بأني رسول الله وأنت تزعم أني أظلم فأنت خائب خاسر وهكذامن ذم من يقر بأنهم خيار الأمة وأفضلها وأن طائفته إنما تلقت العلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير