تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والإيمان منهم هو خائب خاسر في هذا الذم وهذه حال الرافضة في ذم الصحابة.

الوجه الثالث: قوله والآخر يتستر بمذهب السلف إن أردت بالتستر الاستخفاء بمذهب السلف فيقال ليس مذهب السلف مما يتستر به إلا في بلاد أهل البدع مثل بلاد الرافضة والخوارج فإن المؤمن المستضعف هناك قد يكتم إيمانه واستنانه كما كتم مؤمن آل فرعون إيمانه وكما كان كثير من المؤمنين يكتم إيمانه حين كانوا في دار الحرب فإن كان هؤلاء في بلد أنت لك فيه سلطان وقد تستروا بمذهب السلف فقد ذممت نفسك حيث كنت من طائفة يستر مذهب السلف عندهم وإن كنت من المستضعفين المستترين بمذهب السلف فلا معنى لذم نفسك وإن لم تكن منهم ولا من الملأ فلا وجه لذم قوم بلفظ التستر وإن أردت بالتستر أنهم يجتنون به ويتقون به غيرهم ويتظاهرون به حتى إذا خوطب أحدهم قال: أنا على مذهب السلف وهذا الذي أراده والله أعلم فيقال له: ((لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً)) فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم.

وأما قوله: " مذهب السلف إنما هو التوحيد والتنزيه دون التجسيم والتشبيه ".

فيقال له لفظ التوحيد والتنزيه والتشبيه والتجسيم ألفاظ قد دخلها الاشتراك بسبب اختلاف اصطلاحات المتكلمين وغيرهم وكل طائفة تعني بهذه الأسماء ما لا يعنيه غيرهم فالجهمية من المعتزلة وغيرهم يريدون بالتوحيد والتنزيه نفى جميع الصفات وبالتجسيم والتشبيه إثبات شيء منها حتى إن من قال إن الله يرى أو إن له علما فهو عندهم مشبه مجسم وكثير من المتكلمة الصفاتية يريدون بالتوحيد والتنزيه نفى الصفات الخبرية أو بعضها وبالتجسيم والتشبيه إثباتها أو بعضها والفلاسفة تعني بالتوحيد ما تعنيه المعتزلة وزيادة حتى يقولون ليس له إلا صفة سلبية أو إضافية أو مركبة منهما والإتحادية تعني بالتوحيد أنه هو الوجود المطلق ولغير هؤلاء فيه اصطلاحات أخرى. وأما التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب فليس هو متصمناً شيئاً من هذه الاصطلاحات بل أمر الله عباده أن يعبدوه وحده لا يشركوا به شيئاً فلا يكون لغيره نصيب فيما يختص به من العبادة وتوابعها هذا في العمل وفي القول هو الإيمان بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله فإن كنت تعني أن مذهب السلف هو التوحيد بالمعنى الذي جاء به الكتاب والسنة فهذا حق وأهل الصفات الخبرية لا يخالفون هذا وإن عنيت أن مذهب السلف هو التوحيد والتنزيه الذي يعنيه بعض الطوائف فهذا يعلم بطلانه كل من تأمل أقوال السلف الثابتة عنهم الموجودة في كتب آثارهم فليس في كلام أحد من السلف كلمة توافق ما تختص به هذه الطوائف ولا كلمة تنفي الصفات الخبرية ومن المعلوم أن مذهب السلف إن كان يعرف بالنقل عنهم فليرجع في ذلك إلى الآثار المنقولة عنهم وإن كان إنما يعرف بالاستدلال المحض بأن يكون كل من رأى قولا عنده هو الصواب قال هذا قول السلف لأن السلف لا يقولون إلا الصواب وهذا هو الصواب فهذا هو الذي يجرىء المبتدعة على أن يزعم كل منهم أنه على مذهب السلف فقائل هذا القول قد عاب نفسه بنفسه حيث انتحل مذهب السلف بلا نقل عنهم بل بدعواه أن قوله هو الحق وأما أهل الحديث فإنما يذكرون مذهب السلف بالنقول المتواترة يذكرون من نقل مذهبهم من علماء الإسلام وتارة يروون نفس قولهم في هذا الباب كما سلكناه في جواب الاستفتاء فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين أحدهما أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة والثاني أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع ثم لفظ التجسيم لا يوجد في كلام أحد من السلف لا نفيا ولا إثباتا فكيف يحل أن يقال مذهب السلف نفي التجسيم أو إثباته بلا ذكر لذلك اللفظ ولا لمعناه عنهم وكذلك لفظ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير