تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوجه الثاني: أن هذا الضرب الذي قلت أنه لا يتحاشى من الحشو والتشبيه والتجسيم إما ان تدخل فيه مثبتة الصفات الخبرية التي دل عليها الكتاب والسنة أو لا تدخلهم فإن أدخلتهم كنت ذاماً لكل من أثبت الصفات الخبرية ومعلوم أن هذا مذهب عامة السلف ومذهب أئمة الدين. بل أئمة المتكلين يثبتون الصفات الخبرية في الجملة وإن كان لهم فيها طرق كأبي سعيد ابن كلاب وأبي الحسن الأشعري وأئمة أصحابه كأبي عبدالله ابن مجاهد وأبي الحسن الباهلي والقاضي أبي بكر بن الباقلاني وأبي إسحق الاسفرائيني وأبي بكر بن فورك وأبي محمد بن اللبان وأبي علي بن شاذان وأبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي وغير هؤلاء فما من هؤلاء إلا من يثبت من الصفات الخبرية ما شاء الله تعالى وعماد المذهب عنهم إثبات كل صفة في القرآن وأما الصفات التي في الحديث فمنهم من يثبتها ومنهم من لا يثبتها فإذا كنت تذم جميع أهل الإثبات من سلفك وغيرهم لم يبق معك إلا الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم على نفي الصفات الخبرية من متأخري الأشعرية ونحوهم ولم تذكر حجة تعتمد فأي ذم لقوم في أنهم لا يتحاشون مما عليه سلف الأمة وأئمتها وأئمة الذام لهم وإن لم تدخل في اسم الحشوية من يثبت الصفات الخبرية لم ينفعك هذا الكلام بل قد ذكرت أنت في غير هذا الموضع هذا القول وإذا كان الكلام لا يخرج به الإنسان عن أن يذم نفسه أو يذم سلفه الذين يقر هو بإمامتهم وأنهم أفضل ممن اتبعهم كان هو المذموم بهذا الذم على التقديرين وكان له نصيب من الخوارج الذين قال النبي لأولهم لقد خبت وخسرت إن لم أعدل يقول إذا كنت مقرا بأني رسول الله وأنت تزعم أني أظلم فأنت خائب خاسر وهكذامن ذم من يقر بأنهم خيار الأمة وأفضلها وأن طائفته إنما تلقت العلم والإيمان منهم هو خائب خاسر في هذا الذم وهذه حال الرافضة في ذم الصحابة.

الوجه الثالث: قوله والآخر يتستر بمذهب السلف إن أردت بالتستر الاستخفاء بمذهب السلف فيقال ليس مذهب السلف مما يتستر به إلا في بلاد أهل البدع مثل بلاد الرافضة والخوارج فإن المؤمن المستضعف هناك قد يكتم إيمانه واستنانه كما كتم مؤمن آل فرعون إيمانه وكما كان كثير من المؤمنين يكتم إيمانه حين كانوا في دار الحرب فإن كان هؤلاء في بلد أنت لك فيه سلطان وقد تستروا بمذهب السلف فقد ذممت نفسك حيث كنت من طائفة يستر مذهب السلف عندهم وإن كنت من المستضعفين المستترين بمذهب السلف فلا معنى لذم نفسك وإن لم تكن منهم ولا من الملأ فلا وجه لذم قوم بلفظ التستر وإن أردت بالتستر أنهم يجتنون به ويتقون به غيرهم ويتظاهرون به حتى إذا خوطب أحدهم قال: أنا على مذهب السلف وهذا الذي أراده والله أعلم فيقال له: ((لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً)) فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم.

وأما قوله: " مذهب السلف إنما هو التوحيد والتنزيه دون التجسيم والتشبيه ".

فيقال له لفظ التوحيد والتنزيه والتشبيه والتجسيم ألفاظ قد دخلها الاشتراك بسبب اختلاف اصطلاحات المتكلمين وغيرهم وكل طائفة تعني بهذه الأسماء ما لا يعنيه غيرهم فالجهمية من المعتزلة وغيرهم يريدون بالتوحيد والتنزيه نفى جميع الصفات وبالتجسيم والتشبيه إثبات شيء منها حتى إن من قال إن الله يرى أو إن له علما فهو عندهم مشبه مجسم وكثير من المتكلمة الصفاتية يريدون بالتوحيد والتنزيه نفى الصفات الخبرية أو بعضها وبالتجسيم والتشبيه إثباتها أو بعضها والفلاسفة تعني بالتوحيد ما تعنيه المعتزلة وزيادة حتى يقولون ليس له إلا صفة سلبية أو إضافية أو مركبة منهما والإتحادية تعني بالتوحيد أنه هو الوجود المطلق ولغير هؤلاء فيه اصطلاحات أخرى. وأما التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب فليس هو متصمناً شيئاً من هذه الاصطلاحات بل أمر الله عباده أن يعبدوه وحده لا يشركوا به شيئاً فلا يكون لغيره نصيب فيما يختص به من العبادة وتوابعها هذا في العمل وفي القول هو الإيمان بما وصف به نفسه ووصفه به

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير