تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رسوله فإن كنت تعني أن مذهب السلف هو التوحيد بالمعنى الذي جاء به الكتاب والسنة فهذا حق وأهل الصفات الخبرية لا يخالفون هذا وإن عنيت أن مذهب السلف هو التوحيد والتنزيه الذي يعنيه بعض الطوائف فهذا يعلم بطلانه كل من تأمل أقوال السلف الثابتة عنهم الموجودة في كتب آثارهم فليس في كلام أحد من السلف كلمة توافق ما تختص به هذه الطوائف ولا كلمة تنفي الصفات الخبرية ومن المعلوم أن مذهب السلف إن كان يعرف بالنقل عنهم فليرجع في ذلك إلى الآثار المنقولة عنهم وإن كان إنما يعرف بالاستدلال المحض بأن يكون كل من رأى قولا عنده هو الصواب قال هذا قول السلف لأن السلف لا يقولون إلا الصواب وهذا هو الصواب فهذا هو الذي يجرىء المبتدعة على أن يزعم كل منهم أنه على مذهب السلف فقائل هذا القول قد عاب نفسه بنفسه حيث انتحل مذهب السلف بلا نقل عنهم بل بدعواه أن قوله هو الحق وأما أهل الحديث فإنما يذكرون مذهب السلف بالنقول المتواترة يذكرون من نقل مذهبهم من علماء الإسلام وتارة يروون نفس قولهم في هذا الباب كما سلكناه في جواب الاستفتاء فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين أحدهما أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة والثاني أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة ومن أهل الحديث والتصوف وأهل الكلام كالأشعري وغيره فصار مذهب السلف منقولا بإجماع الطوائف وبالتواتر لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا كما يفعل أهل البدع ثم لفظ التجسيم لا يوجد في كلام أحد من السلف لا نفيا ولا إثباتا فكيف يحل أن يقال مذهب السلف نفي التجسيم أو إثباته بلا ذكر لذلك اللفظ ولا لمعناه عنهم وكذلك لفظ التوحيد بمعنى نفى شيء من الصفات لا يوجد في كلام أحد من السلف وكذلك لفظ التنزيه بمعنى نفي شيء من الصفات الخبرية لا يوجد في كلام أحد من السلف نعم لفظ التشبيه موجود في كلام بعضهم وتفسيره معه كما قد كتبناه عنهم وأنهم أرادوا بالتشبيه تمثيل الله بخلقه دون نفي الصفات التي في القرآن والحديث وأيضا فهذا الكلام لو كان حقا في نفسه لم يكن مذكورا بحجة تتبع وإنما هو مجرد دعوى على وجه الخصومة التي لا يعجز عنها من يستجيز ويستحسن أن يتكلم بلا علم ولا عدل ثم إنه يدل على قلة الخبرة بمقالات الناس من أهل السنة والبدعة فإنه قال وكذا جميع المبتدعة يزعمون أنهم على مذهب السلف فليس الأمر كذلك بل الطوائف المشهورة بالبدعة كالخوارج والروافض لا يدعون أنهم على مذهب السلف بل هؤلاء يكفرون جمهور السلف فالرافضة تطعن في أبي بكر وعمر وعامة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وسائر أئمة الإسلام فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف ولكن ينتحلون مذهب أهل البيت كذبا وافتراء وكذلك الخوارج قد كفروا عثمان وعليا وجمهور المسلمين من الصحابة والتابعين فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف.

الوجه الرابع: أن هذا الاسم ليس له ذكر في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين ولا من أئمة المسلمين ولا شيخ أو عالم مقبول عند عموم الأمة فإذا لم يكن ذلك لم يكن في الذم به ولا نص ولا إجماع ولا ما يصلح تقليده للعامة فإذا كان الذم بلا مستند للمجتهد ولا للمقلدين عموما كان في غاية الفساد والظلم إذ لو ذم به بعض من يصلح لبعض العامة تقليده لم يكن له أن يحتج به إذ المقلد الآخر لمن يصلح له تقليده لا يذم به ثم مثل أبي محمد وأمثاله لم يكن يستحل أن يتكلم في كثير من فروع الفقه بالتقليد فكيف يجوز له التكلم في أصول الدين بالتقليد والنكتة أن الذام به إما مجتهد وإما مقلد أما المجتهد فلا بد له من نص أو إجماع أو دليل يستنبط من ذلك فإن الذم والحمد من الأحكام الشرعية وقد قدمنا بيان ذلك وذكرنا أن الحمد والذم والحب والبغض والوعد والوعيد والموالاة والمعادات ونحو ذلك من أحكام الدين لا يصلح إلا بالأسماء التي أنزل الله بها سلطانه فأما تعليق ذلك بأسماء مبتدعة فلا يجوز بل ذلك من باب شرع دين لم يأذن به الله وأنه لا بد من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله والمعتزلة أيضا تفسق من الصحابة والتابعين طوائف وتطعن في كثير منهم وفيما رووه من الأحاديث التي تخالف آراءهم وأهواءهم بل تكفر أيضا من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير