تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يخالف أصولهم التي انتحلوها من السلف والخلف فلهم من الطعن في علماء السلف وفي علمهم ما ليس لأهل السنة والجماعة وليس انتحال مذهب السلف من شعائرهم وإن كانوا يقررون خلافة الخلفاء الأربعة ويعظمون من أئمة الإسلام وجمهورهم ما لا يعظمه أولئك فلهم من القدح في كثير منهم ما ليس هذا موضعه وللنظام من القدح في الصحابة ما ليس هذا موضعه وإن كان من أسباب انتقاص هؤلاء المبتدعة للسلف ما حصل في المنتسبين إليهم من نوع تقصير وعدوان وما كان من بعضهم من أمور اجتهادية الصواب في خلافها فإن ما حصل من ذلك صار فتنة للمخالف لهم ضل به ضلالاً كبيراً فالمقصود هنا أن المشهورين من الطوائف بين أهل السنة والجماعة العامة بالبدعة ليسوا منتحلين للسلف بل أشهر الطوائف بالبدعة الرافضة حتى إن العامة لا تعرف من شعائر البدع إلا الرفض والسنى في اصطلاحهم من لا يكون رافضيا وذلك لأنهم أكثر مخالفة للأحاديث النبوية ولمعاني القرآن وأكثر قدحا في سلف الأمة وأئمتها وطعنا في جمهور الأمة من جميع الطوائف فلما كانوا أبعد عن متابعة السلف كانوا أشهر بالبدعة فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف ولهذا قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وأما متكلمة أهل الإثبات من الكلابية والكرامية والأشعرية مع الفقهاء والصوفية وأهل الحديث فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم لكن كل من كان بالحديث من هؤلاء أعلم كان بمذهب السلف أعلم وله أتبع وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها وقلة ابتداعها أما أن يكون انتحال السلف من شعائر أهل البدع فهذا باطل قطعا فإن ذلك غير ممكن إلا حيث يكثر الجهل ويقل العلم يوضح ذلك أن كثيرا من أصحاب أبي محمد من أتباع أبي الحسن الأشعري يصرحون بمخالفة السلف في مثل مسألة الإيمان ومسألة تأويل الآيات والأحاديث يقولون مذهب السلف أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وأما المتكلمون من أصحابنا فمذهبهم كيت وكيت وكذلك يقولون مذهب السلف أن هذه الآيات والأحاديث الواردة في الصفات لا تتأول والمتكلمون يريدون تأويلها إما وجوباً وإما جوازاً ويذكرون الخلاف بين السلف وبين أصحابهم المتكلمين هذا منطوق ألسنتهم ومسطور كتبهم [] أفلا عاقل يعتبر ومغرور يزدجر أن السلف ثبت عنهم ذلك حتى بتصريح المخالف ثم يحدث مقالة تخرج عنهم أليس هذا صريحا أن السلف كانوا ضالين عن التوحيد والتنزيه وعلمه المتأخرون وهذا فاسد بضرورة العلم الصحيح والدين المتين. وأيضاً فقد ينصر المتكلمون أقوال السلف تارة وأقوال المتكلمين تارة كما يفعله غير واحد مثل أبي المعالي الجويني وأبي حامد الغزالي والرازي وغيرهم ولازم المذهب الذي ينصرونه تارة أنه هو المعتمد فلا يثبتون على دين واحد وتغلب عليهم الشكوك وهذا عادة الله فيمن أعرض عن الكتاب والسنة وتارة يجعلون إخوانهم المتأخرين أحذق وأعلم من السلف ويقولون طريقة السلف أسلم وطريقة هؤلاء اعلم وأحكم فيصفون إخوانهم بالفضيلة في العلم والبيان والتحقيق والعرفان والسلف بالنقص في ذلك والتقصير فيه أو الخطأ والجهل وغايتهم عندهم أن يقيموا أعذارهم في التقصير والتفريط. ولا ريب أن هذا شعبة من الرفض فإنه وإن لم يكن تكفيرا للسلف كما يقوله من يقوله من الرافضة والخوارج ولا تفسيقا لهم كما يقوله من يقوله من المعتزلة والزيدية وغيرهم كان تجهيلا لهم وتخطئة وتضليلا ونسبة لهم إلى الذنوب والمعاصي وإن لم يكن فسقا فزعما أن أهل القرون المفضولة في الشريعة أعلم وأفضل من أهل القرون الفاضلة ومن المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتاب والسنة وما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف أن خير قرون هذه الأمة في الأعمال والأقوال والاعتقاد وغيرها من كل فضيلة أن خيرها القرن الأول ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم من غير وجه وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة من علم وعمل وإيمان وعقل ودين وبيان وعبادة وأنهم أولى بالبيان لكل مشكل هذا لا يدفعه إلا من كابر المعلوم بالضرورة من دين الإسلام وأضله الله على علم كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير