ولأبي بكر المروذي مختصر كتاب ((الرد على من رد حديث مجاهد)) وهو لأبي الحسن التميمي وفي إبطال التأويلات لأبي يعلى كلام كثير في ذلك وآثار مستفيضة ونقولات وحجج عن ابن عمر وابن عباس وعائشة وابن مسعود وغيرهم (انظر ص 476 حتى ص 490) وفيه ان أحمد ابن حنبل نظر في كتاب الترمذي وقال: لم هذا عن مجاهد وحده هذا عن ابن عباس!
وقال ابن عمير:سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث مجاهد يقعد محمداً علي العرش فقال: قد تلقته العلماء بالقبول، نسلم الخبر كما جاء.
فإن قيل:كيف يقعده معه على عرشه؟ قيل هذا لا مانع منه كما تقدم عن ابن جرير وغيره لأنه في الصحيح أن الله تعالى كتب في كتاب عنده فوق العرش أن رحمته غلبت غضبه فأخبر ان الكتاب معه على العرش وفي خبر ابن مسعود أن الله يقعده على الكرسي والكرسي غير العرش على الأظهر والحاصل أن هذا لا مانع منه وبه جاءت الأخبار وتلقته العلماء بالقبول وما علينا غير التسليم.
إذا علمت هذا زدتك أن مجاهداً المنسوب إليه ذلك القول معدود من أهل الرأي حتى لا يقول قائل: إنه حشوي لا يدري الرأي ولا القياس قال ابن قتيبة (تأويل مختلف الحديث 57):" كان أشد أهل العراق في الرأي والقياس الشعبي وأسهلهم فيه مجاهد حدثني أبو الخطاب قال حدثني مالك بن سعيد قال نا الأعمش عن مجاهد أنه قال أفضل العبادة الرأي الحسن "اهـ
وقوله (وأن كلامه صوت) فذلك من إخزاء الله له أن عارض النصوص بعقله الفارغ وفلسفته وتشكيكاته وكلامه:
يروك أنْ تَزِنِ الوَحْيَيْنِ مُجْتَرِئًا عَليهما بِعُقُولِ الْمُغْفلِ العَجَمِ
وأنْ تُحَكِّمَها فِي كُلِّ مُشْتَجَرٍ إذْ لَيْسَ فِي الوَحْيِ مِن حُكْمٍ لِمُحْتَكِمِ
أمّا الكِتابُ فحَرِّفْ عَنْ مَواضِعِهِ إذْ ليْسَ يُعْجِزُكَ التَّحْريفُ لِلْكَلِمِ
كذا الأحادِيثُ آحادٌ وليْس بِها بُرْهانُ حقٍّ ولا فصْلٌ لِمُخْتَصِمِ
وقَدْ أبَى اللهُ إلا نَصْرَ ما خَذَلُوا وكَسْرَ ما نَصَرُوا مِنْهُمْ عَلى رَغَمِ
ألا يستحيي أن ينكر الصوت في حق الله وفي الصحيح (يحشر الله العباد فيناديهم بصوت) ومثل ذلك مذكور في موضعه لا نطيل به الرد علي هذا المماري.
وأما قوله (وأن الحوادث تقوم به) فيقال له: إن أردت الحوادث التي هي الصفات الفعلية نحو المجئ والإتيان وغيرهما فهذا قولهم وإن أردت بالحوادث المخلوقات الحادثة فلم يقله أحد منهم.
وقوله (أنه يمس العرش) فمما لم يقله محققو السلف وحكاه ابن جرير قولاً في التفسير في الموضع الذي أشرنا إليه ولم ينكره!
وقال الكوثري أيضاً: ((والثانية: المجسمة وقد تسمى الحشوية والمشبهة على اختلاف بينهم فيما يختلقونه في الله من السخافات والحماقات، تعالى الله عما يصفون. وهم مشاركون لهؤلاء في القول بجسم قديم قدماً ذاتياً، إلا أنهم يؤلهونه ويتعبدونه بخلاف هؤلاء، سواء أطلقوا لفظ الجسم عليه أم لم يطلقوا بعد أن قالوا بمعنى الجسم الشاغل للفراغ، الذاهب في الجهات، حيث خاضوا في ذات الله سبحانه بعقولهم الضئيلة التي تعجز عن اكتناه ذوات المخلوقات؛ وإنما علمهم بالمخلوقات عبارة عما تخيلوه بشأنها من إحساسهم بأغراضها، فكيف يجترئون على تخيل الحوم حول حمى الخالق جل وعلا.
قال ابن تيمية في التأسيس في رد أساس التقديس المحفوظ في ظاهرية دمشق في ضمن المجلد رقم 25 من الكواكب الدراري- وهذا الكتاب مخبأة ووكر لكتبهم في التجسيم وقد بينت ذلك فيما علقته على المصعد الأحمد (ص31): (فمن المعلوم أن الكتاب والسنة والإجماع لم ينطق بأن الأجسام كلها محدثة وأن الله ليس بجسم، ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين، فليس في تركي لهذا القول خروج عن الفطرة ولا عن الشريعة) اهـ.
وقال في موضع آخر منه: (قلتم ليس هو بجسم، ولا جوهر, ولا متحيز, ولا في جهة ولا يشار إليه بحس ولا يتميز منه شيء؛ وعبرتم عن ذلك بأنه تعالى ليس بمنقسم ولا مركب وأنه لا حد له ولا غاية، تريدون بذلك أنه يمتنع عليه أن يكون له حد وقدر أو يكون له قدر لا يتناهى .. فكيف ساغ لكم هذا النفي بلا كتاب ولا سنة) اهـ، وفي ذلك عِبَر للمعتبر، وهل يتصور لمارقٍ أن يكون أصرح من هذا بين قوم مسلمين؟)) انتهى
¥