بين أصبعين هو متحكم فيه إلى الغاية. ولا يحتاج إلى تأويل من قال: الإصبع الأثر الحسن، فالقلوب بين أثرين من آثار الربوبية، وهما: الإقامة، والإزاغة. ولا إلى تأويل من قال: يداه نعمتاه، لأنه إذا فهم أن المقصود الإثبات وقد حدثنا بما نعقل، وضربت لنا الأمثال بما نعلم، وقد ثبت عندنا بالأصل المقطوع به أنه لا يجوز عليه ما يعرفه الحس، علمنا المقصود بذكر ذلك. وأصلح ما نقول للعوام: أمروا هذه الأشياء كما جاءت، ولا تتعرضوا لتأويلها، بل ذلك يقصد به حفظ الإثبات، وهذا الذي قصده السلف. وكان أحمد يمنع من أن يقال: لفظي بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، كل ذلك ليحمل على الأتباع، وتبقى ألفاظ الإثبات على حالها. .....
وقال /
عجبت من أقوام يدعون العلم، ويميلون إلى التشبيه بحملهم الأحاديث على ظواهرها، فلو أنهم أمروها كما جاءت سلموا، لأن من أمر ما جاء ومر من غير اعتراض [ولا تعرض]؟ فما قال شيئا لا له ولا عليه. ولكن أقواما قصرت علومهم، فرأت أن حمل الكلام على غير ظاهرة نوع تعطيل، ولو فهموا سعة اللغة لم يظنوا هذا. وما هم إلا بمثابة قول الحجاج لكتابه وقد مدحته الخنساء فقالت:
إذا هبط الحجاج أرضًا مريضة تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز القناة شفاها
فلما أتمت القصيدة، قال لكاتبه: اقطع لسانها، فجاء ذلك الكاتب المغفل بالموس. قالت له: ويلك إنما قال: أجزي لها العطاء. ثم ذهبت إلى الحجاج فقالت: كاد والله يقطع مقولي. فكذلك الظاهرية الذين لم يسلموا بالتسليم، فإنه من قرأ الآيات والأحاديث ولم يزد، ألمه، وهذه طريقة السلف. فأما من قال: الحديث يقتضي كذا، ويحمل على كذا، مثل أن يقول: استوى على العرش بذاته، ينزل إلى السماء الدنيا بذاته، فهذه زيادة فهمها قائلة من الحس لا من النقل. ولقد عجبت لرجل أندلس يقال له ابن عبد البر، صنف كتاب التمهيد، فذكر فيه حديث النزول إلى السماء الدنيا فقال: هذا يدل على أن الله تعالى على العرش لأنه لو لا ذلك لما كان لقوله ينزل معنى. وهذا كلام جاهل بمعرفة الله عز وجل. لأن هذا استسلف من حسه ما يعرفه من نزول الجسام. فقاس صفة الحق عليه. فأين هؤلاء واتباع الأثر؟ ولقد تكلموا بأقبح ما يتكلم به المتأولون، ثم عابوا المتكلمين. واعلم أيها الطالب للرشاد، أنه سبق إلينا من العقل والنقل أصلان راسخان عليهما مر الأحاديث كلها. أما النقل فقوله سبحانه وتعالى: ليس كمثله شيء. ومن فهم هذا لم يحمل وصفا له على ما يوجبه الحس. وأما العقل، فإنه قد علم مباينه الصانع للمصنوعات، واستدل على حدوثها بتغيرها، ودخول الإنفعال عليها، فثبت له قدم الصانع. ............ انتهى المقصود.
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[19 - 02 - 10, 12:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابو سعد الجزائري]ــــــــ[19 - 02 - 10, 08:34 ص]ـ
واياك اخي ابو سليمان
ـ[أبو مسلم الفلسطيني]ــــــــ[19 - 02 - 10, 09:48 ص]ـ
http://www.binbaz.org.sa/mat/10237
ـ[أبو البركات]ــــــــ[19 - 02 - 10, 11:07 ص]ـ
هذه الصفحة من كتاب صيد الخاطر
فصل: خطر الإشتغل بعلم الكلام دون علم
http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B5%D9%8A%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B7% D8%B1/%D9%81%D8%B5%D9%84:_%D8%AE%D8%B7%D8%B1_%D8%A7%D9%8 4%D8%A5%D8%B4%D8%AA%D8%BA%D9%84_%D8%A8%D8%B9%D9%84 %D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%A7%D9%85_%D8%AF %D9%88%D9%86_%D8%B9%D9%84%D9%85
----
نحن نستشهد بكلام ابن الجوزي لأن كثير من الناس يحسبونه أشعري بسبب تأويله لبعض الصفات!!
ولنُبين أيضاً أنه لا تلازم بين تأويل صفة من الصفات وبين النسبة إلى الأشعرية كما يظن بعض الجهلة .. فينسبون غلطاً العلماء الكبار إلى مذاهبهم كابن حجر إليهم!!
من الرابط (كتاب صيد الخطر)
قدم إلى بغداد جماعة من أهل البدع الأعاجم فارتقوا منابر التذكير للعوام فكان معظم مجالسهم أنهم يقولون: ليس الله في الأرض كلام، وهل المصحف إلا ورق وعفص وزاج، وإن الله ليس في السماء، وإن الجارية التي قال لها النبي: أين الله؟ كانت خرساء فأشارت إلى السماء، أي ليس هو من الأصنام التي تعبد في الأرض. ثم يقولون: أين الحروفية الذين يزعمون أن القرآن حرف وصوت، هذا عبارة جبريل. فلما زالوا كذلك حتى هان تعظيم القرآن في صدور أكثر العوام، وصار أحدهم يسمع فيقول هذا هو الصحيح، وإلا فالقرآن شيء يجيء به جبريل في كيس. فشكا إلى جماعة من أهل السنة، فقلت لهم: إصبروا فلا بد للشبهات أن ترفع رأسها في بعض الأوقات وإن كانت مدموغة، وللباطل جولة، وللحق صولة، والدجالون كثر، ولا يخلو بلد ممن يضرب البهرج على مثل سكة السلطان.
هؤلاء أفراخ متمشعرة.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[24 - 02 - 10, 10:54 م]ـ
http://www.binbaz.org.sa/mat/10237
لماذا انت مصر على نقل زلات العلماء، أخي أبا مسلم.
نحن قوم تعبدنا الله باتباع الدليل، والاستئناس بأقوال العلماء ... فإن تخالفا، فالدليل وحده مسلكنا!