وقال الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله - في تخريجه لكتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي (ص26): فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وإنما هو العراق، وبذلك فسره الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني ... وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام، فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق ... فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته.ا. هـ.
ومن استقرأ التاريخ علم أن مصداق هذه الأحاديث قد وقع منذ زمن الصحابة ومن بعدهم فكان قتل عثمان رضي الله عنه على أيدي أهل العراق ومن ما لأهم من أجلاف أهل مصر، ومن العراق ظهر الخوارج، والشيعة، والرافضة، والباطنية، والقدرية، والجهمية، والمعتزلة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، وبارك لنا في شامنا ويمننا. فقال رجل من القوم يا نبي الله وفي عراقنا. قال: إن بها قرن الشيطان، وتهيج الفتن، وإن الجفاء بالمشرق.
قال الهيثيمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
عن سالم بن عبدالله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن دعا فقال (اللهم بارك لنا في مكتنا،اللهم بارك لنا في مدينتنا،اللهم بارك لنا في شامنا،وبارك لنا في صاعنا،وبارك لنا في مدينتنا. فقال رجل:يارسول الله وفي عراقنا فأعرض عنه،فرددها ثلاثاً كل ذلك يقول الرجل:وفي عراقنا،فيعرض عنه،فقال: بها الزلازل والفتن،وفيها يطلع قرن الشيطان)
- مارواه أحمد في المسند ((6302) الرسالة) من طريق ابن نمير عن حنظلة بن أبى سفيان المكي عن سالم عن ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده يؤم العراق ها إن الفتنة هاهنا إن الفتنة هاهنا ثلاث مرات من حيث يطلع قرن الشيطان
وقال القرطبي في شرح مسلم في تعليقه على الحديث
وقيل: المرادُ بهذا الحديث: ما ظهَرَ بالعراق من الفتنِ العظيمة، والحروبِ الهائلة؛ كوقعةِ الجَمَل، وحروبِ صِفِّين، وحَرُورَاء، وفِتَنِ بني أميَّة، وخُرُوجِ الخوارج؛ فإنَّ ذلك كان أصلُهُ، ومنبعُهُ العراقَ ومَشْرِقَ نَجْد، وتلك مساكنُ ربيعةَ ومُضَرَ إذْ ذاك، والله أعلم.
وقال رحمه الله
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقُولُ: جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَضْعَفُ قُلُوبًا، الإِْيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، السَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ قِبَلَ مَطْلِعِ الشَّمْسِ، وَفِي رِوَايَةٍ: رَأْسُ الْكُفْرِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: غِلَظُ الْقُلُوبِ وَالْجَفَاءُ فِي الْمَشْرِقِ، وَالإِيمَانُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ.
وقوله في أهل اليمن: هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَضْعَفُ قُلُوبًا، يعني: مِنْ أهلِ المشرق، لا مِنْ أهل الحجاز؛ لأنَّه ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قال في الحديث الآخر: وَالإِْيمَانُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ، واليَمَنُ من الحجاز؛ كما سيأتي بيانُهُ إِنْ شاء الله تعالى.
وقد وصَفَ أهلَ اليمنِ في هذا الحديث بضدِّ ما وصَفَ به فيه أهلَ العراق؛)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عن الفتن (13/ 16) (وأول مانشأ ذلك من العراق من جهة المشرق).
قال الشيخ محمد اشرف الهندي في كتابه (اكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان):
[والحق الذي اتفق عليه الشراح ودلت عليه الحقائق التاريخية والحوادث الماضية أن نجد العراق هي مبدأ الفتن والشرور .. فلذلك أبى رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يدعوا لنجد العراق).
قد كان بلد الشيخ اليمامة ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق العراق، فليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرفة اهـ
وقال العلامة أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاّني عليه رحمة الله في ((إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري)) (10/ 188) دار الكتاب العربي ط7 سنة 1323 هـ:
¥