افترق الناس في آل البيت، فهلكوا، ونجا أهل السنة، وهذا بحكم علي t حيث قال: (يهلك في رجلان عدو مبغض ومحب مفرط) ([1]).
وجاء في مسند (أبي يعلى: 1/ 406) عن علي t قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فيك مثل من عيسى بن مريم أبغضته يهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس به}. قال: ثم قال علي: (يهلك في رجلان: محب مطر يفرط لي بما ليس في ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني).
وقد غلا الرافضة في محبتهم كما غلت النصارى في المسيح، وقالوا: لا ولاء إلا ببراء، أي: لا يتولى أهل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما)، وأطلقوا (النّصْب) على من تولى الشيخين أبي بكر وعمر. بناءً على أن: (من أحبهما فقد أبغض عليًّا)، و (من أبغضه فهو ناصبي)، وهاتان مقدمتان، أولاهما باطلة.
وقد تبرأ خيرة آل البيت من تلك المحبة ودعوا إلى الاعتدال فيها، قال علي بن الحسين - رحمه الله تعالى -: (يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً).
وعن الحسن بن الحسن أنه قال لرجل يغلو فيهم: (ويحك! أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا، ولو كان الله نافعاً أحداً بقرابة من رسول الله بغير طاعة، لنفع بذلك أباه وأمه، قولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون، ونحن نرضى منكم).
فأهل السنة في آل البيت وسط بين طرفين، بخلاف أهل الزيغ والضلال، فإنهم إما مفرط في الحب وهم الروافض والصوفية، وإما مفرط في البغض والعداء وهم النواصب ([2]).
وقبل أن نناقش الشيخ (المشهور) في أقواله التي يعبر فيها عن أطماعه (السلطوية) ولهفته لاستعادة (آل البيت) للحكم والقرار، أذكّر القراء بإشارة خاطفة فقط بطائفة أخرى تنطلق بنفس الفكر (السلطوي) الذي عند الشيخ (المشهور) داخل هذه البلاد الطيبة، إنها طائفة (البهرة الإسماعيلية)، الذين لا يعترفون بشرعية أي حكومة قائمة ولا أي حاكم عليها، وبدلا من ذكر (الجمهورية اليمنية) يتحدثون عن شئ اسمه (الجزيرة اليمنية)!!.
لقد أشار زعيم الطائفة البهرية الحالي (محمد برهان الدين) في الدستور البهري (صفحة: 5) إلى قرب انتهاء ما أسماه بسلطان الباطل في اليمن، وأن مؤشرات الانفراج قد لاحت، وأن الإمام المستتر قد أوعز إلى أبيه بذلك، حيث قال:
(قد ادخر الله للداعي الأجل سيدنا طاهر سيف الدين – رضوان الله عليه – في جزيرة اليمن من شاناته أعظم شأن، فرأى بما أمده ولي الله – سلام الله عليه – الإمام المستتر، من تأييد الإشراق اليمن بنظر اللطف والأشواق، حين علم أن الوقت لإنعاش المؤمنين قد آن أوانه، وأن الباطل سوف يزول عن قريب سلطانه، فأمر منصوصه الداعي الثاني والخمسين محمد برهان الدين بالسفر إلى اليمن، فبشر أهلها بوجود منصوصه فيهم بما سيريهم من سعادات) ([3]). اهـ.
ثم ماذا حدث ولا يزال يحدث نتيجة هذه التعبئة المستمرة بهذه الأفكار؟ .. صدام ومواجهات مسلحة وتلويح للأعداء للتدخل في شؤون البلاد.
وحتى ننتبه لخطر الدعوات الطائفية والسلالية في اليمن سواء (البهرة الإسماعيلية) أو (الصوفية العلوية الحضرمية) ذي الجذور الشيعية، فإليك – عزيزي القارئ – هذه النصوص من أقوال الشيخ (أبي بكر المشهور) التي تكشف الوجه الآخر له وهو يدعو لنصرة آل البيت ومنهج آل البيت، وتكشف الفكر الشيعي الذي ينطلق منه حينما يدعو للعنصرية والغلو والفكر الخارجي الذي يدعو لاستيلاء آل البيت لمقاليد الحكم والعلم والسياسة ... إلخ.
(1) أمر المسلمين يجب أن يتولاه (آل البيت) فقط:
يقول الشيخ (المشهور) في كتابه (التنصيص المثبوت: 23):
( .. وقد يسأل السائل: إذا كانت أزمّة الكفر بيد اليهود، فمن يجب أن تكون أزمة المسلمين بيديه؟.
ولو طرحنا هذا السؤال بديهة على الساحة الإسلامية لرأيت وسمعت عجبا! فأما الإسلام فيقول: يجب أن تكون أزمة المسلمين جميعا بيد آل البيت النبوي ومدرستهم العالمية، فلا عالمية في الإسلام إلا بهم ... ).
أقول:
أن تكون ملل الكفر قد وضعت أزمتها بأيدي اليهود، فهذا واقع وملموس. أما أن يجعل المسلمون أمرهم ومصيرهم بيد (آل البيت) فمن يقول هذا؟؟.
¥