تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونحن نتفق معه على أن المتكلمين من الأصوليين قد تأثروا كثيرا بفلسفة اليونان القديمة، كما ننبهه أن المفكرين العصريين –وهو منهم -قد افتتنوا بحضارة الغرب الحديثة!!

وهذا الدليل ما هو إلا استغلال لنقطة من النقط المشتركة بينه وبين دعاة التجديد الشرعي ليقدم البدائل المحدثة التي جاء بها، وإلا فهو لا يؤمن بصلاحية الأصول الشرعية كلها ما امتزج منها بالكلام والمنطق وما خلا منها، واستمع إليه وهو يقول: «فأفكار السلف الصالح ونظمهم قد يتجاوزها الزمن، من جراء قضائها على الأمراض التي نشأت من أجلها، وانتصارها على التحديات التي كانت استجابة لها» ([28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn28)). وقال: «ومهما كان تاريخ السلف الصالح امتدادا لأصول الشرع، فإنه لا ينبغي أن يوقر بانفعال يحجب تلك الأصول، فما وجد في تراث الأمة بعد الرسول e ابتداء بأبي بكر فهو تاريخ يستأنس به فما أفتى به الخلفاء الراشدون مثلا والمذاهب الأربعة في الفقه، وكل التراث الفكري الذي خلفه السلف الصالح …هو تراث لا يلتزم به» ([29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn29)).

الفرع الثالث: دعوى تطور الأصول في الصدر الأول

ومما زعمه أن علم أصول الفقه كان متطورا في الصدر الأول فلم لا يكون متطورا في زماننا والجواب عن هذه الشبهة فيما يأتي: إن قصد تطور مضمونه وقواعده فلا نسلم هذه الدعوى لا في عهد عمر t ولا في عهد غيره، بل أصول الفقه (بمعنى دلائله الكلية) أمور ثابتة قطعية لا ظنية، وهي ربانية لا بشرية وضعية، وإن قصد تطور الشكل وتجلية القضايا وتدوينها، فالكتب الموسومة بتاريخ التشريع كلها حافلة بذكر مراحل هذا النمو في عصر التابعين وأتباعهم وفي عصر الأئمة والمجتهدين، ولم يخصوا ذلك بعهد عمر t([30] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn30))، وإن قصد الاستدلال بنمو الشكل على تطور المضمون فهذا من الغفلة التي ينزه عنها دعاة التجديد، أو من التلبيس الذي لا يليق بالمنصفين.

الفرع الرابع: عدم شمول الفقه للقضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية

ومما افتراه بجرأة عجيبة قوله بأن الفقه الإسلامي المدون لا يشمل قضايا الاقتصاد والسياسة والاجتماع، وجواب هذه الفرية على النحو التالي: إننا لا نسلم أن الفقه المدون لا يشمل القضايا العصرية، بل في النصوص الشرعية، وفي كلام علمائنا السابقين فضلا عن المتأخرين؛ ما يمكن أن يستخرج منه الأحكام الشرعية للمسائل الحديثة، وهذه الأحكام هي الأحكام التكليفية والوضعية المعروفة وليست حتما هي الإباحة التي لا يطلب العصرانيون غيرها. وإن سبب هذه النظرة السلبية للفقه هي العجمة التي تحول بين المرء وبين فهم النصوص وكلام الفقهاء، وفقدان آلات الاجتهاد (أصول الفقه) ([31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn31)) التي تجعل الناظر في هذا التراث يتفاعل معه ويستخرج منه الأجوبة لكل جديد وحادث، أو الغربة التي تنتج عن ابتعاد المتكلم عن الفن الذي يتكلم فيه.

وكذلك الزعم بأن فقهاء الإسلام لم يهتموا إلا بالأمور الشخصية والفردية دون الأمور العامة مغالطة كبيرة وتزوير تاريخي، فالعلماء لا يزالون يتكلمون في مسائل الفقه التي تهم الراعي والرعية وهذه كتب السياسة الشرعية شاهدة على ذلك، بل وكتب الفقه العادية طافحة بالمسائل التي تهم الأمة في السياسة والاقتصاد، وبمراجعة سير العلماء تجد أنهم كانوا على صلة مباشرة بقضايا الأمة وبحياة الناس، وكان لكثير منهم أثر في تسيير قضايا مصيرية تتعلق بالأحوال الشخصية والجهاد والحكم وغير ذلك.

وعلى كل حال إن إيجاد الحلول لمستجدات العصر ليست مسؤولية الفقهاء الماضين وإنما هي مسؤولية الذين يعايشون هذه المستجدات، فالمسلمون اليوم أحق من يرمى بالجمود لا سلفهم ولا شريعتهم، وليس من معنى كسر قيد الجمود الخروج عن رحاب الشريعة الواسعة إلى متاهات الشرائع الأرضية التافهة، وإن هذه الحجة لا تنهض لكل ما يطلبه الترابي، وهو تقنين الحياة حتى في الأمور التي أطلقها الشرع فقد قال: «وليس ثم من مفت يفتيك كيف تسوق عربة أو تدير مكتبا، ولكن الكتب القديمة تفتيك حتى كيف تقضي حاجتك!» ([32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn32)).

الفرع الخامس: قواعد تفسير النصوص لا تفي بالمطلوب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير