تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزعم الترابي أن قواعد تفسير النصوص لا تفي بالمطلوب وجواب قوله من وجوه:

أحدها أن هذا الكلام فيه اتهام وهو دعوى تحتاج إلى برهان فلا ينهض دليلا على غيره ما لم يبين إثباته.

وثانيها أن وراء هذا الكلام اتهام النصوص بعدم الكفاية والشمول، وهذا اتهام للدين وهل الدين إلا نصوص الكتاب والسنة، وقد ألمح إلى هذا بأن هذه القواعد لا تجدي لأن النصوص التي تتعلق بها في حد ذاتها محدودة.

وثالثها: أن من النتائج التي توصل إليها الفقه الشعبي وأوامر الحكام فيا ترى إلى ماذا سيستند هذا الفقه وتلك الأوامر إذا لم تستند إلى النصوص وإلى قواعد التفسير المشار إليها.

الفرع السادس: والقياس أيضا لا يتسع لقضايا السياسة والاقتصاد

بعد أن قدح في قواعد تفسير النصوص قدح في القياس ووصفه بالضيق وعدم الاتساع، لأن من الأجوبة البديهية التي يتوقعها أنه يوجد إلى جانب قواعد التفسير دليل القياس، وجوابه أنه لابد أولا وقبل كل شيء من تحديد مفهوم الضيق والاتساع فإن هذه أمور نسبية وهو ما لم يبينه في كلامه، ثم نقول وصف القياس الشرعي بالضيق وعدم الاتساع (إلى ما يحتاجه الناس) دعوى تحتاج إلى دليل وتمثيل.

ويقال له أيضا: هب أن القياس لا يتسع لكل القضايا، فهل هذا يجعلنا نلغيه أو نتهمه بالقصور؟ إن الأصوليين الذين دونوا ضوابط القياس وحدوده كانوا يدركون عدم اتساعه لكل القضايا؛ إذ نصوا على أن في الشرع قضايا تعبدية محضة لا تدرك معانيها، ولذلك تحدثوا عن اعتماد الاستدلال المبني على المناسب المرسل وعن الاستصحاب. وإن زعمه بأن شروط القياس وضوابطه مستلة من قواعد المنطق الصوري العقيم مغامرة، تدلنا على أنه قد سمع عن القياس، لا أنه درسه وتعمق في فهمه ونظر في آثاره ثم انتقده. ويدلنا على ذلك أنه زعم أن هذا القياس المحدود إنما يصلح في بيان العبادات والآداب والنكاح دون غيرها من المجالات الواسعة ([33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn33)).

المطلب الثاني: مناقشة النتيجة والبدائل

وبعد مناقشة الدلائل والمبررات نأتي إلى مناقشة الأدلة البديلة التي طرحها بعد التذكير بملخص ما طرحه في شرحها، وذلك في الفروع الآتية:

الفرع الأول: القياس الواسع

مما اقترحه ما سماه القياس الواسع الفطري الذي لا ينضبط بقواعد المنطق الصوري، ومن الجواب أن يقال له: ما هو هذا القياس الواسع ما تعريفه وما شروطه وما أمثلته؟ إنه قد عاب كتب الأصول بأنها تجريدية، فأين الحيوية فيما يدعو إليه؟ وأين المثال الحي والتطبيقات العملية؟ ([34] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn34)). ثانيا: ثم إنه في ضمن كلامه وصفه بقياس المصالح المرسلة، ومصطلح المصالح المرسلة مصطلح معروف عند أهل الأصول وقد يعبرون عنه بالقياس المرسل أو الاستدلال، ولا أظن الترابي يستدرك على الأصوليين شيئا تكلموا فيه وأفاضوا في شرحه، وإلا فهو يؤكد لنا عدم تصوره لمسائل العلم وعدم اطلاعه على الكتب المصنفة فيه، وهذا لا يليق بمجدد.

والذي يظهر لي أنه يقصد شيئا آخر غير باب المصالح والمناسبات المرسلة، لأن لهذه المناسبات دلائل تعتمد عليها وضوابط تضبطها، وهو لا يرضى أن يكون القياس كذلك؛ فقد وصفه بالقياس الفطري الحر، والفطري هو الذي لا يحتاج إلى علم أو تعلم، والحر هو الذي لا ينضبط بضابط، ومثل هذا القياس هو الذي ينسجم مع الفقه الشعبي الذي يدعو إليه.

الفرع الثاني: الاستصحاب الواسع

وثاني شيء اقترحه في شريعته الجديدة ما سماه "الاستصحاب الواسع"، والجواب عنه أيضا بالاستفسار: ما هو حد الاستصحاب الواسع الذي يدعو إليه؟ ما حقيقته وما دلائل إثباته؟ وما هي تطبيقاته التي لم يهتد إليها الفقهاء والأصوليون؟ وبعدها نذكره بقوله وهو يشرحه: «وحسب قاعدة الاستصحاب الفقهية الأصل في الأشياء الحل وفي الأفعال الإباحة وفي الذمم البراءة من التكليف» وذلك يعني أن لا جديد في مفهوم الاستصحاب سوى إضافة كلمة: «الواسع».

الفرع الثالث: الفقه الشعبي

المصدر الثالث من مصادر التشريع عند الترابي ما سماه "الفقه الشعبي" وقد جعله بديلا عن دليل الإجماع في شريعة الإسلام، والجواب عنه من وجوه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير