تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنتقل الى ما أدعوه "الأعمال الكبرى" من تحقيقات إحسان عباس للتراث, وهي تتراوح بين أعمال كان هو البادئ بتحقيقها, وأخرى أعاد فيها تحقيق كتب سبقه إليها آخرون, غير ان عمله في إخراجها إخراجاً علمياً متميزاً يجعله أَولى بها من سابقيه.

"نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" لأحمد بن محمد المقري:

كتاب "نفح الطيب" يعد أكبر موسوعة أندلسية وصلت إلينا, ومؤلفه المقري التلمساني مغربي درس في بلده تلمسان وفاس, ثم هاجر الى المشرق, فتنقل بين مصر والشام حتى وفاته بالقاهرة سنة 1041هـ. وهذا ما جعل المهتمين بتاريخ الأندلس ودراسة تراثها يجتهدون في نشره. وكان المستشرقون الأوروبيون هم الأسبق الى العناية بتحقيقه منذ منتصف القرن التاسع عشر, إذ تألفت لذلك لجنة من أربعة من أعلامهم هم: راينهارت دوزي, وديجا, وكريل, ورايت, فقاموا بجمع نسخ الكتاب المخطوطة المتوافرة لديهم في مكتبات باريس ولندن وأوكسفورد وغوطة وبرلين وكوبنهاغن وبطرسبرغ. وأتموا نشر القسم الأول المتعلق بتاريخ الأندلس العام في جزءين صدرا في ليدن بين سنتي 1855 و1861. (وكان النفح يتألف من قسمين رئيسيين: الأول في تاريخ الأندلس السياسي والاجتماعي وتراثها الفكري, والثاني في ترجمة الوزير الأديب لسان الدين ابن الخطيب الغرناطي). وتوخى هؤلاء المستشرقون الدقة والأمانة في اخراج ذلك القسم الأول, وراجعوا نصوص النفح على ما كان لديهم من مصادر, وأثبتوا الفروق في القراءات بين مختلف النسخ المخطوطة على نحو جدير بالإعجاب. وأصبح هذا الكتاب بنشرته الأوروبية أوفى مصدر لتعرف التراث الأندلسي, ما حدا بالمستشرق الإسباني باسكوال دي جايانجوس الى ترجمة هذا القسم بعد إعادة ترتيبه الى الانكليزية بعنوان "تاريخ الأسر الحاكمة الإسلامية في إسبانيا" (لندن 1840 - 1843).

وعن هذه النشرة الأوروبية طبع الكتاب مراراً في المشرق, فكانت أولى طبعاته هي التي ظهرت في بولاق سنة 1863, وتوالت بعد ذلك طبعات له, أضاف فيها الناشرون المصريون القسم الثاني الخاص بابن الخطيب, غير ان طبعاتهم كانت دون مستوى الطبعة الأوروبية الأولى من ناحية الدقة والضبط والأمانة العلمية. وظلت الحاجة ماسة الى تحرير علمي حقيقي للكتاب. وكانت آخر طبعاته المصرية هي التي اضطلع بها العالم الأزهري المعروف الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد الذي أخرج الكتاب في عشرة أجزاء (القاهرة 1949). والشيخ محيي الدين عالم جليل غلب عليه تخصصه في النحو, إلا أن تحقيقاته لكتب التراث تفتقر الى الدقة والالتزام بالمنهج العلمي ويغلب عليها الطابع التجاري, ولهذا فإن نشرته - وإن كانت أفضل من الطبعات السابقة - كانت دون المستوى المطلوب, إضافة الى أنها كانت خالية من الفهارس, وهي ضرورية في مثل هذا الكتاب البالغ الضخامة والذي يحفل بالاستطرادات.

وهنا قرر عباس النهوض بتحقيق جديد للكتاب صدر في بيروت سنة 1968 في سبعة مجلدات, أُلحق به مجلد ثامن وقع في 560 صفحة واشتمل على سبعة فهارس للكتاب.

"وفيات الأعيان" لابن خلكان:

كتاب "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" لشمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان (المتوفى سنة 681 هـ) من المصادر التي لا يستغني عنها باحث, فهو من أحفل كتب التراجم وأغناها بالأخبار وأدقها ضبطاً. ويبلغ عدد التراجم فيه 855 ترجمة اختار المؤلف شخصياتها وفق شروط ومواصفات معينة التزم بأكثرها, وهي شخصيات انتقاها من عالم العروبة والإسلام من أقصى المشرق الى الأندلس والمغرب, ورتب هذه التراجم على أساس الحروف الهجائية. وكان هذا الكتاب موضع ثقة من قرائه منذ تأليفه, ولهذا فقد كثرت نسخه المخطوطة في مكتبات العالم. وكان أول من نهض بتحقيقه المستشرق الألماني فرديناند وستنفيلد فنشره في اثني عشر مجلداً, وخصص المجلد الثالث عشر لرصد اختلافات القراءات والزيادات في النسخ المختلفة والفهارس. وكان طبعه بين سنتي 1835 و1850. وكان اعتماده في نشره على خمس نسخ مخطوطة أضاف اليها أثناء العمل نسختين أخريين, وكان عمله تلفيقياً بين تلك النسخ. وانتهت تراجمه في الكتاب الى 865 ترجمة وإن كان بعضها مجرد ذكر أسماء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير