تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما في العالم العربي فقد ظهرت طبعات عدة متوالية للكتاب كانت عيالاً على طبعة وستنفيلد السابقة, وإن كانت مملوءة بالأخطاء والتحريف وأدنى من الطبعة الأوروبية بكثير.

ولما كان عمل وستنفيلد دقيقياً وجديراً بالثقة فقد اتخذه إحسان عباس أساساً لعمله حينما قرر خوض هذه المغامرة الجديدة بتحقيق الكتاب.

ويعد عمل إحسان عباس في هذا الكتاب استكمالاً للجهد الكبير الذي بذله وستنفيلد في منتصف القرن التاسع عشر. وقد صدر تحقيقه للكتاب بين سنتي 1968 و1972 في سبعة مجلدات ألحق بها مجلداً ثامناً خاصاً بالفهارس العامة. ولسنا في حاجة الى القول ان هذه الطبعة تَجب كل ما سبقها وإنها أصبحت الوحيدة المعتمدة لهذا الكتاب.

"الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة"

لابن بسام الشنتريني:

كتاب "الذخيرة" لابن بسام (المتوفى سنة 542 هـ) مع "نفح الطيب" للمقري يعدان أعظم موسوعتين أدبيتين تاريخيتين للتراث الأندلسي, وتختلف "الذخيرة" عن "النفح" في أنها أكثر عناية بالمحصول الأدبي شعره ونثره وبتراجم أعلام الأدباء الأندلسيين. وقد ألف ابن بسام كتابه معارضاً به "يتيمة الدهر" للثعالبي, ولهذا فقد وزع أقسام كتابه - مثل سابقه - على أساس بيئي, ولكنه لم يتناول الحياة الأدبية في العالم العربي كله كما فعل الثعالبي, بل اختص ببيئة بلده, أي جزيرة الأندلس فحسب, فجعله في ثلاثة أقسام كل قسم في جزءين: موسطة الأندلس, ثم الجانب الغربي, يليه الجانب الشرقي. وجعل القسم الرابع على جزءين أيضاً: الأول في الراحلين من المشرق الى الأندلس, والثاني في عدد اختارهم ابن بسام من أدباء المشرق.

ومن هنا بدأ تفكير إحسان عباس في الاضطلاع بالمشروع الكبير, وهو نشر بقية الكتاب بعد عمل دوزي وتلامذة طه حسين عليه. وكان إحسان عباس ينوي في البداية الاكتفاء بنشر ما لم يطبع منه, ثم رأى ان يستجيب لرغبة الباحثين في أن يروا جميع أجزاء "الذخيرة" محققة بكاملها, متناسقة في اكتمالها, متجانسة في سماتها المشتركة. ولهذا فقد استقر عزمه على إعادة نشر الكتاب كله بأجزائه الثمانية.

"رسائل ابن حزم الظاهري":

أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري القرطبي (المتوفى سنة 456) يعد من أغزر مؤلفي الإسلام تأليفاً, وقد خلف عدداً هائلاً من الكتب والرسائل ضاع أكثرها, ولكن بقي منها قدر ليس بالقليل, منها كتب مطولة مثل: "الفصل في الملل والأهواء والنحل, والمحلي, والإحكام في أصول الأحكام, وجمهرة أنساب العرب", ومنها عدد كبير من الرسائل اهتم بها باحثون كثيرون عرب ومستشرقون نشراً وترجمة الى أكثر من لغة. على أن إحسان عباس كان أكثرهم عناية بتلك الرسائل منذ بداية مسيرته العلمية, فقد بدأ بنشر مجموعتين منها, الأولى بعنوان "رسائل ابن حزم" (القاهرة 1956) والثانية بعنوان "الرد على ابن النغريلة ورسائل أخرى" (القاهرة 1960.

على انه بعد أكثر من عشرين سنة يعود إحسان الى تراث ابن حزم في رسائله, فيجمع شتاتها ويعيد تحقيق ما سبق أن نشره منها, ويضيف اليها مما سبق أن نشره آخرون ومما بقي مخطوطاً ما يستوعب به المعروف من تلك الرسائل, حتى بلغ هذا القدر اثنتين وعشرين رسالة وزعها في الطبعة الثانية (بيروت 1987) على أربعة أجزاء في قريب من 1600 صفحة (بمعدل 400 صفحة لكل جزء). ولم يدرج إحسان في هذه المجموعات من الرسائل بعض ما سبق له نشره في كتب مستقلة مثل "جوامع السيرة" الذي سبق له تحقيقه بالاشتراك مع الدكتور ناصر الدين الأسد (القاهرة 1959) , وكان المحققان ألحقا بالجوامع بعض الرسائل الأخرى, فرأى إحسان أن يكتفي بتلك الطبعة السابقة ولم يعد نشرها في هذه المجموعات.

ومنهج إحسان في نشر هذه الرسائل هو الذي رأينا التزامه به في تحقيقه الكتب السابقة, على اننا ننوه هنا بالمقدمات التي كتبها لبعض تلك الرسائل, فهي دراسات تحليلية في غاية الدقة والعمق والأصالة الفكرية, وهي تعد بغير شك إضافة تزيد من قيمة جهده في التحقيق.

ولم يقدم إحسان لكل رسالة من الرسائل الاثنتين والعشرين, بل انتقى منها لدراسة ما رآه جديراً بالدراسة, فكانت هذه ست رسائل نذكر عناوينها في ما يأتي:

1 - طوق الحمامة في الالفة والآلاف

2 - في مداواة النفوس

3 - نقط العروس

4 - في الرد على ابن النفريلة اليهودي

5 - مراتب العلوم

* * *

وبعد, فالصفحات السابقة لا تمثل إلا نظرة عجلى وغير شاملة في جهود إحسان عباس رحمه الله في خدمة التراث العربي, ولسنا نزعم أننا استقصينا كل هذه الجهود, وإنما كان توقفنا أمام عدد من أبرز أعماله في هذا المجال, ولا سيما ما دعوته بـ"أعماله الكبرى" وإن كان فاتني عرض واحد من أهم هذه الأعمال, وهو "معجم الأدباء" لياقوت, ولعله آخر ما اضطلع إحسان بتحقيقه قبل أن ينتقل الى الرفيق الأعلى, وعذري في ذلك أن هذا الكتاب لم يتيسر لي الاطلاع عليه في وقت تحرير هذا البحث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير