تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم أجد مسوّغاً علميًا يحمل المستشرق على إخراج جزء من موطأ ابن وهب - أعني كتاب المحاربة هذا - وقد ذكر هو نفسه ما يؤكد أن أجزاءًا أُخر موجودة من الموطأ، وفي المكتبة نفسها (القيروان)، فقد قال (ص:171 س:10، 11 في ترجمة الليث): ((له كتاب مسائل في الفقه، ذكره ابن وهب في كتاب القضاء في البيوع من موطأه (مخطوط القيروان))) اهـ!، وقد قال المستشرق في مشاركة له في الملتقى:

: ((لدينا منه [أي موطأ ابن وهب] للأسف جزءان فقط يحتوي جزء على كتاب المحاربة وجزء آخر على كتاب القضاء في البيوع (وهذا الأخير تحت الطبع))) اهـ

وأيضًا النسخة التي اعتمد عليها مرّقمة بترقيم يبدأ برقم (1653 على الورقة الأولى)، وينتهي برقم (1692)، وكان ينبغي للمستشرق - وقد سلّطه الله عز وجل على تراثنا ليختبرنا به - وقد أمسك المخطوط بيده أن يفسّر لنا ما دلالة هذه الأرقام. وهل كان المخطوط ضمن مجموع، أم لا؟

ولا أرى إخراجه جزءًا من الكتاب إلّا ضعفًا شديدًا في المنهجية العلمية، وربما كان السبب استعجاله الكسب السريع، واستكثاره من التحقيقات، بجانب استهانته بالقرّاء.

ثانيا النسخة المعتمدة:

لم يذكر لنا ما حمله ودعَّه دعّاً إلى نشر الكتاب على نسخة واحدة، وأيضًا النسخة ليست كاملة، بل هي جزء من كتاب الموطأ لعبدالله بن وهب، ومعلوم أن نشر أي كتاب على نسخة واحدة لا يجوز، عند المتثبتين من أهل التحقيق والضبط، إلا في حالات معينة، وبشروط مخصوصة في تحقيق هذا النوع.

وهذه الحالات المعينة إذا توافرتْ في كتابٍ ما، فلزاماَ على المحقق أن يُبيّن ذلك تبيناً مُفصَّلاً في دراسته للكتاب، وإن لم يكن له دراسة - كما في نشرة موراني - فيبينه في المقدمة، فيذكر مثلاً أن النسخة لا أخت لها في مكتبات العالم، أو غير ذلك. ولكنه لم يفعل، في حين أن بعض الفهارس ذُكر فيها كتب لابن وهب.

وأعلم أن المستشرق سوف يقول - معجباً بنفسه - كل مخطوطات ابن وهب عندي.

والردّ: أن هذا لا يهم القارئ ألبتة، والذي يهم القارئ أن تبيّن له ما علاقة كتابك بتلك الكتب المذكورة في الفهارس، وإن كانت غير كتابِهِ، فلا بدّ من أن يخبر القارئ بذلك؛ حتى نثق بعمله، ونعلم أنه تحرّى الدقة.

أما الشروط المخصوصة في تحقيق النُّسخ التي لا أخت لها، فأعرِّج على? أهمها، وهي:

مقابلة نصوص الكتاب مع نُقُول المتأخرين عنه، وهذه المسألة مهمة جداً؛ لأن هذه النُقُول تقوم مقام النُّسَخ المساعدة في ضبط النص، وفي هذه الحالة يجب أن يُراعِي المحقق أي اختلاف بين النُقُول، والنص الأصلي، فسيجد أحياناً زيادة أو نقص عند بعض المتأخرين، وربما وجد المحققُ النقلَ موافق للأصل، وبالتتبع الدقيق لهذه المسألة، يتبين للمحقق أن النُّسَخ التي اعتمد عليها فلان وفلان من المتأخرين فيها زيادة على الأصل الذي معه، أو نقص.

وأثناء ذلك العمل يجب على المحقق أن يثبت كل الفروق بين الأصل، ونُقُول المتأخرين؛ حتى يستطيع المحقق:

1) تقييم النسخة (الأصل).

2) ويستطيع إقامة النص، إن كان الأصل ليس في الدرجة العليا من الضبط.

3) وحتى يستطيع الباحثون أن يتتبعوا المحقق، إن أخطأ في ترجيحاته؛ لأن الهدف الوصول إلى الحق.

ولا يفوتني أن أنبّه على أمر مهم، وهو: أن ما اقترفه موراني من مقابلة نصوص الأصل، على ((المدونة))، أو ((النوادر والزيادات)) لابن أبي زيد، لا يكفي؛ لأمرين:

الأول: أن موراني لم يكن أمينًا في إثبات الفروق بدقة، بل أحيانًا كان يدلس في النقل، وسيأتي بيان ذلك في الفِقرات التالية. وانظر على سبيل المثال الفِقرات رقم [26، 54، 55 وغير ذلك].

والثاني: أن نشرة المدونة التي اعتمد عليها غير محققة تحقيقًا علميًا، ولا نعلم الأصول التي أُخرِجتْ عليها، وقد ذكر المستشرق (ص:98، حاشية230) سقطًا وقف عليه في المدونة، وإنما نبهتُ على ذلك حتى لا يُظَن أن كثرة مقابلاته بالمدونة أو النوادر والزيادات، يَدفع عنه التقصير في تطبيق هذه القاعدة. وقد انتقد موراني نشرة المدونة، هنا في الملتقى.

وكل ما سبق في مسألة المقابلة مع نُقُول المتأخرين، يقوم المحقق بمثله مع مصادر المؤلِّف، فيما ينقله عمَّن تقدمه من المؤلفين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير