تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ليس لديَّ ما يفيد متى تحولت محلة الأكمكخانة، وتعني محل صناعة الخبز أو المخبز العام، إلى شارع المتنبي حيث صناعة الكتاب وبيعه. وكانت المحلة تعرف بالدنكجية (المميز، بغداد كما عرفتها) أي أصحاب مطاحن الحبوب، وهناك كان المخبز المركزي، حتى أواخر العهد العثماني. وما شارع المتنبي إلا فرع من شارع الرشيد، تحول إلى دكاكين لبيع الكتب، على الرصيف. وبطبيعة الحال، لا يألف هذا المكان غير الكاتب والمؤلف والوراق والقارئ، بمعنى أن مكان الثقافة العراقية الأخير، بعد أن حوصرت بهذا الحصار الخانق.

كان الضحايا من باعة الكتب أكثر من أربعين، ومن الكتب لا يُعد ولا يُحصى. ويبدو من طبيعة الانفجار والحريق، ومن الآثار المدمرة أن النية مبيتة لإزالة هذا المكان من الوجود، بعد أن أخذ يوفر الكتب ليس على هوى الجماعات المتسيدة بالسري وبالعلن. فبعد سقوط النظام، وإلغاء القوانين والتعليمات المقيدة للكتب توافر في شارع المتنبي الأضداد من العناوين، تعرض جنباً إلى جنب.

كانت الندوة الشعرية، ومذاكرة الشعراء والأدباء، لمكانهم العاري من الحماية، تشبه كثيراً فواجع البراكين، وما تخلفه من حطام. لذا كانت منصة المراثي، التي ألقاها الشعراء إثر الكارثة، مزيجاً من الرماد والدم، نعوا فيها الوراقين، ونادل مقهى الشابندر وجلاسها، ذلك المقهى الذي نشأ في ركن الشارع، وكان محلاً لمراجعي دوائر سراي الحكومة، ثم تحول إلى مكان لراحة المتجولين في شارع الثقافة، وبين بسطات الكتب، الأصلية منها والمستنسخة. لم يبق من المكان غير ذكرى، ورماد لا بد أن يخرج منه طائر الفينيق، مكان تدرج من صناعة الخبز إلى صناعة الثقافة.

ان (شارع المتنبي) او ما يطلق عليه بسوق الكتب يعد من أقدم شوارع مدينة بغداد وأحد أبرز معالمها، ويتصل به سوق السراي التراثي المتخصص أيضا ببيع الكتب والقرطاسية، وعلى مقربة منه تقع منطقة (القشلة) التي كانت مقرا للحكومة العراقية في العهدين العثماني والملكي، وشهدت تتويج الملك فيصل الأول سنة 1921، وتحتفظ المنطقة التي يقع فيها الشارع بمعمارها القديم، وهي تمثل شاهدا ومعلما تاريخيا لمدينة بغداد القديمة، فيما يمثل شارع المتنبي فيها رئة تنفس الثقافة العراقية، وتعد مقاهيه وأشهرها (مقهى الشاهبندر) ملتقى الأدباء والمثقفين والكتاب والفنانين.

ويمتد تاريخ شارع المتنبي الى العصر العباسي اذ كان يسمى بدرب زاخا وهي مفردة آرامية، وكان مشهورا بالمؤسسات الثقافية والدينية ومنها مدرسة الامير سعادة الرسائلي، ورباط ارجوان (أي تكية ارجوان)، وفي العهد العثماني سمي بشارع (الاكمك خانة) أي المخبز العسكري.

ومن ابرز الذين عملوا في شارع المتنبي عبد الرحمن افندي الذي كان يبيع الكتب بالمزاد عام 1890، وفي عام 1900 كان الملا خضير يمارس عملية بيع الكتب والمجلات في الشارع، وبعد وفاته جاء ابنه عبد الكريم، الذي اسس مكتبة المشرق، فيما أسس نعمان الاعظمي عام 1905 المكتبة العربية، وكذلك مطبعة كبيرة.

ومع بدايات الحرب العالمية الاولى اسس محمود حلمي عام 1914 المكتبة العصرية، فيما اسس عام 1920 شمس الدين الحيدري المكتبة الأهلية، وبدأت في حينها بنشر كتب مؤسسة فرانكلين. وفي عام 1932 اسس حسين الفلفلي مكتبة الزوراء، التي استمر احفاده في مزاولة مهنتهم فيها، كما اسس قاسم محمد الرجب مكتبة المثنى، وسميت بالمثنى تيمنا بنادي المثنى القومي، وفي ذلك الوقت اتفق مع دور النشر المصرية لتوريد نتاجاتها من الكتب المختلفة، ومن اعمالها ايضا اعادة طباعة قصة الف ليلة وليلة.

وتجدر الاشارة الى ان هنالك العشرات من الذين أسهموا في نشر الثقافة في شارع المتنبي منهم محمد جواد حيدر، صاحب مكتبة المعارف، وعلي الخاقاني، صاحب مكتبة النجاح، وعبد الرحمن حسن حياوي، صاحب مكتبة النهضة، فيما كان عبد الحميد الزاهد احد رجالات ثورة العشرين، من الذين يبيعون الكتب بالمزاد في شارع المتنبي خلال تلك الفترة.

منقول

http://www.arabvolunteering.org/corner/showthread.php?t=7431 (http://www.arabvolunteering.org/corner/showthread.php?t=7431)

ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[15 - 12 - 07, 10:39 م]ـ

إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير