أما عدم القول فلعدم وجدانه بعد البحث. وأما عدم الفعل فظاهر , لأنه صلى الله عليه وسلم كان أميا ولا يكتب وإن اتفق منه ذلك نادرا فهو من باب إظهار المعجزة , كما ثبت في صحيح البخاري أن عليا لما امتنع من محو اسمه صلى الله عليه وسلم أخذه ومحاه وكتب اسمه ولم ينقل أنه كتب الصلاة بعد كتب اسمه , فربما كان في هذا الفعل متمسك لعدم التقييد بالكتب المذكور, وإن كان لا يصفو عن شوب كدر النزاع, لأنه يمكن أن يقال:إن ذلك موطن وقع فيه المنع من كتب صورة لفظ رسول الله فكيف يمحى , ويثبت ما هو أشد على قلوب الكفار وهو الصلاة من الله؟!! فيمكن الحمل على ترك كتب الصلاة هو هذا. وغاية هذا إن سلم عدم انتهاض تركه على الترك, لا الاحتجاج بفعله على المطلوب.
وأما تقريره صلى الله عليه وسلم فلم ينقل إلينا أن أحدا من الصحابة كتب الصلاة عليه عند ذكره , وأطلع على ذلك وقرره. بل ربما كان الامر بالعكس , فإن اسمه صلى الله عليه وسلم كان يكتب في المكاتبات والمهادنات و الإقطاعات ولم ينقل أن أحدا من الكتاب كتب فيها بعد اسمه الصلاة عليه, وقد أطلع صلى الله عليه وسلم على ذلك الترك وقرره ولم ينكره, فكان دليلا على عدم التعبد بذلك.
وهذا الاستدلال , وإن كان غير محتاج إليه من جهة القائل بالعدم , لأنه في مقام المنع.
والاستدلال وظيفة المدعي لأنه أثبت ما الأصل الظاهر عدمه , لكنه لا يخلو من فائدة.
إذا تقرر هذا تبين للسائل_كثر الله فوائده _ عدم التعبد بكتب الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكره لا وجوبا وهو ظاهر لأنه حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل , ولادليل.
ولو سلم أن الكتب أولى لأنه يكون من الإيقاظ للقارئ عند الغفلة عن التلفظ بهذه السنة اللتي لا يدعها إلا بخيل كما أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح , بلفظ)) البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي , ولا يرغب عنها إلا شقي)) كما أخرجه الطبراني من حديث جابر عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: ((شقي من ذكرت عنده فلم يصل علي)) كما أخرجه الطبراني عن كعب بن عجرة مرقوعا بإسناد رجاله ثقات , كما قال العراقي بلفظ ((إن جبريل قال بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك)) وأما ما أخرجه البزار من حديث جابر وفيه ((ورغم أنف من ذكرت عنده فلم يصل علي)) ففي إسناده إسماعيل بن أبان الغنوي , كذبه يحيى بن معين وغيره , فعلى هذا التسليم العرفي بذلك يحصل برسم النقش الكتابي اللذي له إشعار بالصلاة على أي صفة كان لأن النقوش الكتابية بأسرها أمور اصطلاحية فأي صورة منها جرى عليها الاصطلاح وحصل بها التفهيم جاز الاكتفاء بها اذا كانت تلك الصور متساوية الاقدام في حصول الفهم عند نظر الناظرعليها.
وإن كان في بعضها مظنة ليس على بعض الناظرين , وبعضها لا يلتبس على أحد كان
تأثير مالا لبس فيه أولى.
- من عقود الزبرجد في جيد مسائل علامة ضمد , وهي في كتاب الرسائل الفقهيه للشوكاني. جمع أحمد المزيدي, طبعة دار الكتب العلمية.
فخلاصة القول تكون النقاط التالية:
1_ أن كتابة الصلاة لم تكن واجبة , وقد يقال باستحبابها , لأن فيها إيقاظ للقارئ وتذكير له بها.
2_أن كتابتها مختزلة لا بأس فيه إلا أن كتابتها كاملة أفضل , لكثرة العمل.
مع العلم أنه قد يكون في اختزالها مصلحة , وذلك بتوفير الحبر , فمثلا الحبر الذي أطبع به صحيح البخاري أستطيع أن أطبع به صحيح البخاري وجزء من مسلم إذا كتبتها مختزلة.
3_ أن التلفظ بها واجب , على خلاف بين العلماء في محل ذلك, والله أعلم.
ـ[أبو الفضل مهدي المغربي]ــــــــ[05 - 08 - 07, 12:43 ص]ـ
قال تعالى: (صلُّوا عليهِ وسلِّموا تسْليماً) الأحزاب/56))
فلا وجه للدلالة منه , فإن الآية تفيد وجوب التلفظ بها لا كتابتها.
ومن أين فهمت أن المقصود بها التلفظ دون الكتابة، رغم أن الآية لم تذكر التلفظ.
بارك الله فيك.
ـ[الخزرجي]ــــــــ[05 - 08 - 07, 10:57 ص]ـ
ومن أين فهمت أن المقصود بها التلفظ دون الكتابة، رغم أن الآية لم تذكر التلفظ.
بارك الله فيك.
هذا هو فهم الرسول صلى الله عليه وسلم وفهم الصحابة والتابعين الأمة أجمع,
فقد قال البخاري في صحيحه:
¥