تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعلم الشرعي النافع قد يودعه الإنسان في بطون الكتب العلمية النافعة؛ فيستفيد منها الناس في حياته وبعد مماته، وربما تتعاقب عليه الأجيال التالية، ويبقى في ذلك ذكر الإنسان والدعاء، واستمرار أجره.

ومنهم من يودع العلم في صدور تلامذته، ينتفعون بعلمه في حياته وينقولونه إلى الأجيال، فيبقى له أجره إلى ما شاء الله.

وبعضهم يرزقه الله سبحانه وتعالى القدرة على التوفيق إلى تربية تلامذة علماء، وتأليف كتب نافعة محررة؛ فيحصل له النفع الكبير، والخير الوافر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ـ[أم عبد الله الكندية]ــــــــ[10 - 08 - 07, 04:09 م]ـ

أختي الفاضلة قرأت لك هذا المقال لفضيلة الشيخ صلاح عبد الموجود فأعجبني:

حوارٌ مع النَّفسِ

اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك، وَقد خلقت أمّارةً بالسُّوء، ميالة إلى الشَّر، فرارة من الخير، وَأمرت بتزكيتها وَتقويمها، وَقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها وَخالقها، وَمنعها عَنْ شهواتها، وَفطامها عَنْ لذّاتها، فَإِن أهملتها جمحت وَشردت وَلم تظفر بها بعد ذلك، وَإن لازمتها بالتوبيخ وَالمعاتبة وَالعذل وَالملامة كانت نفسك هي النَّفس اللوامة التي أقسم الله بها وَرجوت أن تصير النفس المطمئنة المدعوة إلى أن تدخل في زمرةِ عباد الله راضيةً مرضيةً.

قَالَ: فلا تغفلن ساعة عَنْ تذكيرها وَمعاتبتها وَلا تشتغلن بوعظ غيرك ما لم تشتغل أولا بوعظ نفسك.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الذاريات:55]، وَسبيلك أن تُقبل عليها فتقرر عندها جهلها وَغباوتها، وَأنها أبدا تتعزز بفطنتِها وَهدايتِها وَيشتد أنفها وَاستنكافها إذا نسبت إلى الحمق فتقول لها: يا نفسُ! ما أعظم جهلك، تدّعين الحكمة والذكاء وَالفطنة؛ وَأنت أشد النّاس غباوة وَحمقا، أما تعرفين ما بين يديك من الجنةِ وَالنّار، وَأنك صائرة إلى إحداهما على القرب؟، فما لك تفرحين وَتضحكِين، وَتشتغلين باللهو وَأنت مطلوبة لهذا الخطب الجسيم، وَعساك اليوم تختطفين أَوْ غدا، فأراك ترين الموت بعيدًا وَيراه الله قريبًا، أما تعلمين أن كلّ ما هو آت قريب، وَأن البعيد ما ليس بآت؟، أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة من غير تقديم رسول، وَمن غير مواعدةٍ وَمواطأة، وَأنه لا يأتي في شيء دون شيء، وَلا في شتاء دون صيف، وَلا في صيفٍ دون شتاء، وَلا في نهار دون ليل، وَلا في ليل دون نهار، وَلا يأتي في الصِّبا دون الشَّباب، وَلا في الشَّباب دون الصِّبا؟، بل كل نفس من الأنفاس يمكن أن يكون فيه الموت فجأة، فَإِنْ لم يكن الموت فجأة فيكون المرض فجأة ثم يفضى إلى الموت، فما لك لا تستعدين للموت وَهو أقرب إليك من كل قريب، أما تتدبرين قوله تَعَالَى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (3)} [سورة الأنبياء:1 - 3].

وَيحك يا نفسُ! إن كانت جراءتك على معصية الله لاعتقادك أن الله لا يراك؛ فما أعظم كفرك، وَإن كان مع علمك بإطلاعه عليك فما أشدّ وَقاحتك وَأقلّ حياءك.

وَيحك يا نفس لو وَاجهك عبد من عبيدك بل أخ من إخوانك بما تكرهينه كيف كان غضبك عليه وَمقتك له؟، فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله وَغضبه وَشديد عقابه!؟، أفتظنين أنك تطيقين عذابه؟ هيهات هيهات جربي نفسك إن ألهاك البطر عَنْ أليم عذابه، فاحتبسي ساعة في الشمس, أَوْ في بيت الحمَّام, أَوْ قربى إصبعك من النار ليتبين قدر طاقتك، أم تغترين بكرم الله وَفضله وَاستغنائه عَنْ طاعتك وَعبادتك؟ فما لك لا تعولين على كرم الله تَعَالَى في مهمات دنياك؟، فإذا قصدك عدو فلم تستنبطين الحيل في دفعه وَلا تكلينه إلى كرم الله تَعَالَى؟، وَإِذَا أرهقتك حاجة إلى شهوة من شهوات الدّنيا مما لا ينقضي إلا بالدينار وَالدرهم فما لك تنزعين الروح في طلبها وَتحصيلها من وَجوه الحيل فلا تعولين على كرم الله تَعَالَى حتى يعثر بك على كنز, أَوْ يسخر عبدًا من عبيده فيحمل إليك حاجتك من غير سعى منك وَلا طلب، أفتحسبين أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير