وقال تعالى: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ) (صّ:75).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تصدق أحدٌ بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربّي أحدكم فلوّه أو فصيله) رواه الإمام مسلم في "صحيحه ".
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن .. ) رواه الإمام مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث تحاجج الجنة والنار، وفيه: (فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله فتقول: قط قط) رواه البخاري ومسلم.
ومن ذلك قوله: (والنزول إلى الدنيا).
وهذا مصادم لصريح السنة النبوية الصحيحة المتواترة باتفاق أهل السنة، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير .. ) الحديث رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي ذلك الكتاب المفترى الذي ذكره ابن الأثير: جمل أخرى على منوال ما تقدم في الضلال والتزوير.
ولا يخفى مخالفتها لصريح القرآن والسنة وعقيدة أهل السنة، فلو صح وأن تُلي هذا الخطاب من ذلك الخليفة ففيه ما فيه من الرد على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يقبل ولا نعمة ولا كرامة عين، وبه يظهر مخالفة ابن الأثير للطريق القويم، وميله إلى تأييد هذا الخطاب إن صح منه النقل، والله المستعان.
أما غلام خليل: أحمد بن محمد بن غالب الباهلي [ت: 275هـ]، فغاية ما ورد من طعن العلماء فيه إنما في روايته، وأما في زهده و ورعه وعقيدته فلم ينتقد عليه في ذلك بشيء.
قال الذهبي " سير أعلام النبلاء " [13/ 283]: (وكان له جلالة عجيبة، وصولة مهيبة، وأمر بالمعروف، واتباع كثير، وصحة معتقد، إلا أنه يروي الكذب الفاحش، ويرى وضع الحديث، نسأل الله العافية).
وكما نقل الأزهري: ذِكْرَ قوامِ السنةِ الأصبهاني لغلامِ خليل فيمن صنف في عقيدة أهل السنة، وهذا فيه ما يفسد على الأزهري سعيه حيث احتج بما هو عليه حجة، فكلام الأصبهاني يفيد الاعتداد بالباهلي في عقيدته، وأنه من أهل السنة.
وضعفه في الرواية لا يطعن في صحة كلامه وإنما يضر بصدق تحمله عمن فوقه، وكم من راوٍ للحديث حفظت له العبارات الرائقة المفيدة، والحكم البليغة، وغير ذلك من النصوص، ومع ذلك هو مطعون في روايته، أو متهم في نقله.
والكلام في هذا الكتاب ليس عن راويته ونقله وإنما عن دينه في نفسه، فإن كان الكتاب له فلا مغمز فيه.
فإذا كان الكلام هنا ليس عن روايته وإنما عن قوله - على فرض صحة نسبة الكتاب له – فهذا يقبل كما يقبل كلام الحكمة ممن قاله سواء كان يهودياً أو نصرانياً كما في أخبار بني إسرائيل، وكما قُبل قول العديد من الضعفاء والمتهمين من أهل الزهد والحكمة، فخلاصة الكلام أن قوله الموافق للحق مقبول ولا يضره كذبه في الرواية.
تنبيه: أخطأ الشيخ الردادي في الاكتفاء بإبطال نسبة الكتاب للباهلي بحكاية كذب الباهلي، وأبعد القول لما ظن أن الباهلي سرق الكتاب من البربهاري وهذا محال!، لأن الباهلي متقدم على البربهاري، وحين وفاة الباهلي كان البربهاري في يرعان شبابه، بل كيف يستقيم ذلك مع احتجاج الأخ الردادي بذكر البربهاري للقرن الرابع في كتابه، والباهلي قد مات في القرن الثالث؟!.
فعلى ما تقدم فمهما يكن صاحب الكتاب لا يضر مع سلامة المضمون، وسلامة دين الطرفين، فكلاهما صاحب توحيد وسنة فلا يختلف الحال إلى أيهما
نسب، مع أن القول بنسبته للإمام البربهاري أقوى لوجوه:
¥