الوجه السادس: أن ابن بطة روى عن البربهاري قوله: (المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة)، وهذا يوافق مواطن من الكتاب في ذم الجدال والمناظرة، ومن ذلك قوله [رقم: 159] من طبعة الشيخ الردادي: (وإذا سألك الرجل عن مسألة في هذا الباب وهو مسترشد فكلمه وأرشده وإذا جاءك يناظرك فاحذره فإن في المناظرة المراء والجدال والمغالبة والخصومة والغضب وقد نهيت عن جميع هذا جداً، وهو يزيل عن طريق الحق ولم يبلغنا عن أحد من فقهائنا وعلمائنا أنه ناظر أو جادل أو خاصم وقال الحسن البصري: الحكيم لا يمارى ولا يدارى في حكمته أن ينشرها إن قبلت حمد الله وإن ردت حمد الله).
الوجه السابع: أن الكتاب لو كان للباهلي فقد ذكر فيه من أصول السنة وآداب الشريعة الشيء الكثير، ومع ذلك فقد أسند الخطيب البغدادي وابن عبدالبر وجماعة أخباراً في الآداب والسنة ولم يذكروا عن غلام خليل من ذلك شيئاً، مع أنهم رووا من طريقه أخباراً أخرى!!.
فالخطيب البغدادي في " الجامع " و " الفقيه والمتفقه " و " الكفاية " روى كثيراً من طريق أحمد بن كامل بن خلف ولم يروِ عنه عن الباهلي من " شرح السنة " شيئاً لو كانت له، مع ما فيها من كلامٍ يستحسن نقله.
ومن ذلك ما رواه ابن عبدالبر في " جامع بيان العلم وفضله " [3/ 114] قال أنشدنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قال: أنشدنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال: أنشدنا محمد بن وضاح ببغداد على باب أبي مسلم الكشي قال: قال لي غلام خليل: أنشدني بعض البصريين لبعض شعرائهم يهجو أبا حنيفة وزفر بن الهذيل:
إن كنت كاذبة بما حدثتني ... فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر
الواثبين على القياس تعديا ... والناكبين عن الطريقة والأثر
خلت البلاد فارتعوا في رحبها ... ظهر الفساد ولا سبيل إلى الغير
إلى آخر الخبر.
الوجه الثامن: أن النسخة التي رواها ابن أبي يعلى انفردت ببعض الألفاظ مما لم يرد في الأصل المخطوط المسند، بل انفردت بورقة كاملة في آخرها ضمّنها بعض الآثار، فهذا يؤكد أنها نسخة تزيد عن النسخة المخطوطة.
الوجه التاسع: جلالة العلماء الذين تتابعوا على نسبة هذا الكتاب للبربهاري، وقد ذكرهم الشيخ الردادي في مقدمته، ويوجد غيرهم، ومن هؤلاء:
1 - كالقاضي ابن أبي يعلى.
2 - مجد الدين ابن تيمية كما في "المسودة" حيث نقل مذهبه في العقل ونقل له حفيده شيخ الإسلام ابن تيمية كلام البربهاري.
3 - شيخ الإسلام ابن تيمية في مواطن.
4 - والحافظ الذهبي في مواطن.
5 - ابن عبدالهادي الحنبلي.
6 - ابن مفلح الحنبلي في " الفروع " و " الآداب ".
7 - والصفدي في " الوافي بالوفيات ".
8 - ابن الغزي في " ديوان الإسلام ".
9 - ابن رجب الحنبلي، ونقل عنه مذهبه في عدم إعادة الصلاة المتروكة عمداً، وهي مسألة ذكرها في " شرح السنة " رقم: (86) فلم يرخص في صلاتها في غير وقتها إلا للناسي والمسافر.
10 - ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري " [11/ 276].
11 - ابن العماد الحنبلي في " الشذرات ".
12 - أبو اليمن العليمي في " المصعد الأحمد "، وغيرهم.
? أما إن كان [الطعن في اختلاف النسبة] فاختلافه لا يوجب الإنكار ولا الطعن في الكتاب لسلامة حال المؤلفين في الاعتقاد كما تقدم، فإن كان يرى أن اختلاف نسبة الكتاب إلى أحدهما موجب للطرح والإسقاط فما رأيه في:
[1] كتاب " العقيدة المرشدة "؟!.
ألم يتتابع علماء الأشاعرة على نسبته للفخر ابن عساكر، وهو للضال ابن تومرت الذي ادعى المهدوية؟!.
فقد أنكر نسبتها للفخر ابن عساكر: شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي وجماعة، ونسبها إلى ابن تومرت جماعة ومنهم الحافظ ابن كثير وابن خلدون.
وتذبذب السبكي في " طبقاته " فلم يجزم بكونها للفخر ابن عساكر، ولم يدفعها عن ابن تومرت، فحمله ذلك على الدفاع عن ابن تومرت وتصحيح عقيدته!.
فهذه بتلك! (جَزَاءً وِفَاقاً) (النبأ:26).
وعندنا معاشر أهل السنة أن هذه العقيدة مهما كان مؤلفها منهما فهي عقيدة تجهم وضلالة، وقد نقضها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وصنفت في نقضها كتابي " التعليقات المفنّدة ".
أزيدك أم كفاك وذاك إني ... رأيتك في انتحالك كنت أحمق
¥