تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثانية: العلماء والفقهاء ورجال التصوف وهؤلاء إنما يستمدون نفوذهم من الدين نفسه مما دعا السلاطين أن يستمدوا سلطتهم الشرعية بكسب ود العلماء وأتباعهم وكان لهؤلاء العلماء كلمة مسموعة عند السلاطين، ومن هؤلاء الشيخ عز الدين بن عبد السلام، والإمام النووي (3).

الثالثة: طبقة العامة وهي الطبقة الأخيرة في ذلك المجتمع، وهم من الشعب بما فيها من تجار وصناع وزراع وكان هؤلاء هم اليد العاملة في المجتمع وعليهم تقع معظم المظالم من ضرائب ومكوس وهؤلاء هم الذين عصفت بهم التيارات المنحرفة وقد اهتم الإمام ابن تيمية بهذه الفئة اهتماماًَ عظيماً فكثيراً ما أرشدها إلى طريق الصواب والحق، وكثيراً ما عمل جاهداً لرفع الظلم والعسف والجور عن هذه الفئة وكا له فضل توجيههم وإرشادهم إلى ما فيه الخير في الدنيا والآخرة" (1) هذا بالإضافة إلى ما أخذه كثير من المسلمين من عادات المستعمر ومعتقداته السيئة والتي أشربها هؤلاء المنهزمون في قلوبهم وما تبع ذلك من التخلق بأخلاقهم القبيحة من فعل الفواحش وشرب الخمور والاستهتار بالشعائر الإسلامية وعدم الاكتراث بالشرائع الدينية والأحكام النبوية فأصبح هذا لكثير منهم منهجاً وخلقاً وسلوكاً بل ديناً في أغلب الأحيان، وهكذا كانت الناحية الاجتماعية في ذلك العصر كسابقتها سواءً بسواء ولكن هذا لا يمنع قيام طائفة من العلماء النبلاء بأمر دينهم ما استطاعوا.

المطلب الثالث: الناحية الفكرية:

نظراً لسوء حالة الناحيتين السياسية والاجتماعية فقد تأثرت تبعاً لذلك الناحية الفكرية في ذلك العصر حيث اضطربت اضطراباً كبيراً وتشعبت الأفكار وتنافرت المشارب وضعفت الهمم وقبع كلَُ على ما يراه صواباً وجمد على رأيه " فالعلماء قد اختلفت مناهجهم فعلماء قد استبحروا في الحديث والتفسير والنحو والفقه والعقائد ولكن كانوا مقلدين تابعين غير مجتهدين ومنهم فلاسفة لا يكترثون ولا يعبئون بالنتائج الفلسفية التي يتوصلون إليها ولا بعواقبها ومنهم من أراد الجمع بين الفلسفة والدين بهرطقة محدثة قد أفسدوا في الأرض باسم صلاحها وهناك متصوفة يحاولون إرشاد العامة على طريقة شيوخهم وقد يشتطون فيبتعدون عن الدين وكان بجوار هؤلاء وأولئك الفرق الإسلامية في الأمور العقدية أو السياسية والتي تتنازع الفكر للغلبة والسيطرة حتى فقدت المساجلات والمناظرات العلمية روحها وتحولت إلى مهاترات فارغة جوفاء فتفجر من ذلك تنافر فكري وتباعد روحي وهذا التنافر والتباعد بدوره لا جدوى فيه ولا منه بل على العكس من ذلك يورث العداوة وتفريق أهل الإسلام حتى صاروا شيعاً وأحزاباً كما قال ربنا سبحانه: (كل حزب بما لديهم فرحون) (1)

وفي وسط ذلك الخضم الفكري المضطرب كان هناك علماء أفذاذ قد جمعوا بين المعقول والمنقول بالإضافة إلى قوة في الفكر وقوة في الدليل" (2)، وفي ذلك العصر ساد التقليد وعكف العلماء على كتب الأقدمين قراءة وحفظاً وانتشر الجمود الفكري، و" لقد كان أتباع كل مذهب يرجحون مذهبهم الفقهي على سائر المذاهب الفقهية ويعتبرونه مقبولاً ومؤيداً من الله وكانوا يبذلون كل ذكائهم وقوة بيانهم وتأليفهم في ترجيحه وتفضيله على غيره" (3)

ونتيجة لذلك "ضعف الاستقلال الفكري فقل الإنتاج العلمي وركدت الأذهان وأقفل باب الاجتهاد في الأصول والفروع وأصبح قصارى جهد العالم أن يفهم ما قيل من غير بحث ولا مناقشة وعمد العلماء إلى جمع المعلومات المتعلقة بكل فن فنظموها وألفوا فيها كتباً مطولة أحياناً ومختصرة أحياناً وسلكوا منهجاً حسناً في التأليف ولكن لا أثر فيه للابتكار والتجديد" (4)

وقد وصف أحد العلماء (5) الحالة الفكرية المتردية في ذلك العصر بقوله: "باستثناء عدد من الشخصيات ومآثر علمية كان يتسم العلم والتأليف في هذا القرن [أي: الذي نشأ فيه الإمام ابن تيميَّة وما قبله أيضاً كما مر آنفاً بالسعة وقلة التعمق، ويغلب طابع النقل والاقتباس على التفكير والدراسة والتعمق في العلم، وتكونت للمذاهب الفقهية قوالب من حديد لا تقبل المرونة والتسامح وإن كان القول السائد أن الحق دائر بين المذاهب الأربعة ولكن أتباع كل مذهب يحصرون الحق في مذاهبهم في الواقع ولا يزيدون إذا توسعوا كثيراً على أن يقولوا: رأي إمامنا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير