تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خطأ يحتمل الصواب" (1) ناسين أو متغافلين أقوال أئمتهم –الذين هم الأئمة الكبار المتبوعين- بذم التقليد الأعمى والأمر بالاتباع لا بالابتداع (2).

المطلب الرابع: الناحية العلمية:

لا نذهب بعيداً إن قلنا إن التدهور والانحطاط المتمثل في كل من النواحي السابقة الثلاث: السياسية والاجتماعية والفكرية تلحق بها ممسكة بالحالة العلمية كلحاق الدر من سلكه إذا انفرط، ولو دققنا النظر وفحصنا تلك الفترة التي سبقت نشأة الإمام ابن تيميَّة وتلتها أي: "القرون الثلاثة: السادس والسابع والثامن أنها إن امتازت بشيء فقد امتازت بكثرة العلم لا بكثرة الفكر، فقد كانت المعلومات كثيرة جداً وتحصيلها كان بقدر عظيم وعكوف الناس عليها كان كبيراً ولكن التفكير المنطلق من مصادرها ومواردها والمقايسة بين صحيح الآراء وسقيمها مقايسة حرة من التعصب الفكري والتحيز المذهبي لم يكن يتناسب مع تلك الثروة المثرية التي توارثتها الأجيال فقد كانوا يتلقونها ويُستحفظون عليها ولكن لا يقدرونها حق قدرها بالنظر الفاحص المجرد أو النظر الذي يعم كل الجوانب والذي لا ينحاز إلى جانب من الجوانب وينظر من زاويته دون سواه" (3) فكان حري بمن ورث هذا العلم أن يستفيد منه ويُعمل فيه فكره ويبدع ولا يكرر ما فعله الأقدمون بتأخير أو تقديم أو حَشْوٍ أو اختصار بل بفعل جديد كما فعل السابقون لكن من خلال روح العصر الذي يعيشون فيه فيستفيدوا من التراث التليد ثم يضيفوا من فهمهم الثاقب الجديد خاصة وأن إنشاء المدارس العلمية والتعليمية قديم في أمة الإسلام وكما هو معلوم "أن فارس وخرا سان سبقتا البلاد الإسلامية [الأخرى] بإنشاء المدارس ومن ورائها كثرت المدارس في القرن الخامس والسادس والسابع والثامن" (4)، وعلى كُلٍّ فقد "كان انتشار العلم في تقدم مطرد فقد وجدت في مصر والشام

وقبلهما في بلاد فارس وخرا سان كما سبق] مدارس كثيرة ودور الحديث تلك التي أسسها الأيوبيون والمماليك كان يؤمها الطلاب من أنحاء العالم؛ لتلقي العلوم الدينية والعقلية وكانت مكتبات كبيرة تابعة لها المدارس وأخرى مستقلة بذاتها تحتوي على ذخائر علمية ونوادر من كل علم وفن ولا يؤصد بابها لأي دارس" (1)، وهكذا ظلت هذه المدارس التعليمية ملجئاً علمياً يأوي إليه قاصدوه من المتعطشين للعلم والباحثين عنه فكانت المدارس آنذاك مشكاة تضيء للناهلين منها طريقهم في حياتَيْهم الدينية والدنيوية على حدٍّ سواء كما كانت مِرْقاة للوصول إلى أسمى المناصب وقد "كان ذووا اليسار يقومون بالإنفاق عليها وسد حاجات الأساتذة وطلاب العلم فيها ثم تولاها الملوك والأمراء وقاموا بالتوسع فيها وتعميمها في كثير من المدن الإسلامية" (2) إما "إذاعة لنفوذهم أو خدمة لدينهم أو نشراً للنور والمعرفة بين شعوبهم" (3).وعلى كل حال فليس من الأهمية بمكان أن نعرف نية أو قصد بناء المدارس المهم أنه نشر العلم؛ لأنه ليس لنا التنقيب على ما في ضمائر الناس أو قلوبهم بل مهدت وعبرت السبل والطرق لطلب العلم "فصار طالب العلم لا ينتقل إلى العلم فقد انتقل العلم إليه وصار لا يبحث عن شيخه فقد جاء الشيخ إليه" (4)، وتمخض عن ذلك اطلاع الطلاب على شتى المعارف المختلفة: دينية وعقلية ودنيوية ولغوية إلى جانب التجارب التي أنجزها الأقدمون مما جعل الطالب يعدد من روافد تعليمه "فينهل منها جميعاً ويتثقف بها ثقافة عامة ثم يخصصه اتجاهه ونزعته في أحدها فينظر فيه" (5)، ويبرع فيه ولهذه الحركة التعليمية والخليط الفكري والتنوع الثقافي لم يكن بدعاً أن ظهر كثير من البارعين الفائقين في العلوم الدينية من أمثال الإمام ابن قدامة المقدسي (6)،

وأبي عمرو بن الصلاح (7)، والإمام مجد الدين ابن تيمية (8) جد الأمام ابن تيمية،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير