تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والشيخ عز الدين بن عبد السلام، والشيخ زكي الدين المنذري (1)، والإمام النووي، وفي أواخر القرن السابع الهجري ظهر الإمام ابن دقيق العيد (2)، والذي قد اجتمع بالإمام ابن تيمية، وممن عاصر الإمام ابن تيمية من أفذاذ العلماء الإمام جمال الدين المِزِّي (3)، والإمام البِْرزالي (4)، والإمام ابن قَيِّم الجَوْزية (5)، والإمام الذهبي (6)، والإمام ابن كثير (7) وثلاثتهم تلاميذ الإمام ابن تيمية وغيرهم الكثير الكثير كما نبغ في ذلك العصر من العلماء الذين تولوا منصب القضاء منهم الشيخ كمال الدين الزملكاني (8)، والإمام تقي الدين السُّبْكي (9)، والعلامة أبو حّيان النَّحوي (10) فانبثق من ظهور هذه العقليات النيِّرة ذات الفهم السديد الثاقب كتب ألفت فكانت "مرجعاً للمتأخرين من العلماء: كمقدمة العلامة تقي الدين بن الصلاح والقواعد الكبرى للشيخ عز الدين بن عبد السلام والمجموع شرح المهذب، وشرح مسلم للإمام النووي وكتاب الأحكام، وإحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد وتهذيب الكمال لأبي الحجاج المِزِّي وميزان الاعتدال وتاريخ الإسلام للعلامة الذهبي" (11).كما انتشرت الموسوعات الفقهية واللغوية في التفسير والحديث وأخبار الرجال والصالحين والفلسفة مع ما جرته من تبعات بالإضافة إلى المكتبات وخزانة الكتب الوقفية والخاصة لدى الملوك والسلاطين والأمراء أو لدى علماء ذلك العصر أو عند ذوي اليسار من الناس المحبين للعلم والناشرين له حيث حفظت ذخائر التراث ودرر السلف والخلف من السابقين لذلك العصر في شتى العلوم ومختلف الميادين والعلوم العقلية والثقافات العامة وأخبار السلاطين والأمم والملوك وعلوم التنجيم الضالة "ومهما يكن من شيء فقد كانت السبل لطلب العلم وتحصيله معبدة سهلة؛ فقد سهلتها المدارس والموسوعات العلمية الكبيرة وخزائن الكتب المتفرقة في الأمصار الإسلامية وخصوصاً في مصر والشام ثم الرجال الذين وقفوا أنفسهم على شرح الكتب المتوارثة وتوضيحها وردها إلى مصادرها الأولى" (1). مما حدا بأحد العلماء (2) أن يقول" "يمكن تسمية هذا العصر بحق: عصر دوائر المعارف" (3) ثم علل سبب إطلاقه لهذه التسمية رجوع ذلك إلى حالة الضعف والذي خيم على ذلك العصر فقال:"وهكذا عصور الضعف دائماً تمتاز بكثرة الجمع وغزارة المادة مع نضوب في البحث والاستنتاج" (4)، وقال غيره (5) "امتازت [أي: تلك العصور] بكثرة العلم لا بكثرة الفكر" (6)

فهذا وصف عام لأهم المعالم السياسية والاجتماعية والفكرية والعلمية لذلك العصر والذي نشأ فيه الإمام ابن تيمية مما كان له أكبر الأثر في نبوغه وتطلعه للأحسن ولإعمال العقل المعطل لتوضيح مقاصد الشرع الحنيف، وبما حباه الله عز وجل من إجلال كيف لا؟! وهو الدين الخاتم الذي ارتضاه الله ختماً للأديان واختار رسوله صلى الله عليه وسلم خاتماً للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ...

هذا وإن وصف هاتيك النواحي بالضعف والاضطراب ليس قاصراً على تلك العصور فحسب بل إنها أوصاف تتربع على كل عصر ابتعد فيه المسلمون عن تعاليم شريعتهم الغراء وبالتالي ستكون النتيجة كالتي اتسمت بها تلك العصور سواءً بسواء فمع تردي الناحية السياسية يتسلط الأعداء لظهور الفجور والنفاق وعدم الاكتراث بالدين وزيادة التناحر بين الفرق الدينية والمذهبية فيطفو على سطح الأمة مجتمع مفككة روابطه مضطربة أفكاره لا يجمع الناس إلا الهوى والشهرة بأنواعهما، ويضطرب لذلك اقتصاد الأمة وترتفع الأسعار ويظهر الكذب والغش والجشع ويكثر الفُشار بين الناس في تعاملاتهم ويرتفع نصيب الفرد من الأنانية ويبدو وكأنما يعيش في مجتمع تسود عليه أحكام الغاب ويفقد الإنسان المسلم هُوِيَّته كمسلم فضلاً عن كونه إنساناً، وتبدو الناحية العلمية وقد ألبسها مدعو العلم ثوباً قشيباً ولكن مع سَبْر حالهم ترى ما لا تسمع فمما يميز عصور الضعف والانحطاط والتبعية كثرة الحواشي والتعليقات والاستدراكات مع التفنن في عمل المكتبات واختلاق السجع الممقوت واقتناص تعبيرات أو استجلاب مترادفات متباعدة وليست متقاربة متنافرة وليست متعاضدة، وتخلو هذه العصور من ذوي الفكر المبدع – إلا من رحم الله عز وجل- كما تتناثر هنا وهناك دعوات جوفاء ينادي أصحابها بالتقليد المحض وعلى الطرف الآخر هناك من ينادي بالانسلاخ من اتباع الأئمة –خاصة الأربعة-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير