دلائل النبوة للحافظ أبي نعيم الأصبهاني الفصل العاشر في تزويج أمه آمنة بنت وهب؛ وكذلك في عيون الأثر في المغازي والسير لأبن سيد الناس باب تزويج عبد الله آمنة بنت وهب؛ وفي كل كتب السيرة والسنة كسيرة أبن هشام والسيرة الحلبية والطبقات الكبرى وغيرها.
قال الواقدي هي قتيلة بنت نوفل وعن أبن عباس قال أنها امرأة من بني أسد وهي أخت ورقة كانت تنظر وتعتاف (عرّافة) فمر بها عبد الله فدعته لتستبضع منه ولزمت طرف ثوبه فأبي وقال حتى آتيك وخرج مسرعا حتى دخل على آمنة فوقع عليها فحملت برسول الله صلعم ثم رجع إلى المرأة وهى تنتظره فقال هل لك في الذي عرضتي عليّ؟ فقالت لا ...
نهاية الأرب للنويري باب ذكر خبر المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب وما أبدته من سبب ذلك.
الواضح من تلك القصص أنه كان هناك امرأتان واحدة وقفت في أبو محمد وطلبت منه أن ينكحها أو تستبضع منه وتعطيه مائة من الإبل فقبل وقال حتي أغتسل؛ ثم دخل فوقع على آمنة زوجته؛ وعاد إلى المرأة الغريبة لينكحها فرفضت وقالت له لقد وقعت على آمنة. أي مجتمع ذلك المجتمع؟ أي أب ذلك الأب الذي واعد الزانية رغم أنه متزوج بآمنة منذ أيام قلائل.
الرد
بعد فشل مزاعمه الركيكة الفاشلة؛ يبدأ النصراني في الضرب على وتر آخر وهو التشكيك في أخلاق أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب والمجتمع العربي الذي كان يعيش فيه.
وسنلقي الضوء على الأمرين إن شاء الله:
بالنسبة لروايات المرأة المتعرضة لنكاح عبد الله بن عبد المطلب:
هذه الروايات لم يَصح مِنها أي شيء، وإنما هي من اختلاق القُصاص لغرض إثبات مسألة النور الموجود في وجه أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله عليه الصلاة والسلام غني عن كل هذا.
فالروايات بها من العلل من جهة الأسانيد و المتون بما يكفي لردها وبيان وهنها ووضعها.
فمن ناحية الإسناد:
أخرجها البيهقي (ج 1 ص 105) في الدلائل بسنده عن ابن إسحاق، وكذا الطبري (ج 2 ص 244) في تاريخه، والبيهقي في شعب الإيمان، وسندها مُنقطع.
وأخرجها ابن سعد (ج 1 ص 95 – 96) بأسانيد ضعيفة فيها الواقدي وهو متروك والكلبي وهو متهم بالكذب، وفيها إنقطاع أيضاً.
والبيهقي (ج 1 ص 107) في الدلائل من طريق مسدد عن مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس بنحوه وفي سنده مسلمة بن علقمة، وهو صدوق له أوهام، ومثله في الشواهد يستشهد به ولكن شيخ ابن قانع، وهو عبد الوارث بين إبراهيم العسكري لم أقف عليه.
وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص 38) من طريق النضر بن سلمة عن أحمد بن محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة وعامر بن سعد ان أبيه بنحوه، وراه عبد الله بن بشير عن أحمد بن محمد بن عبد العزيز، ولم يذكر عامر بن سعد وفي سنده محمد بن عبد العزيز العمري في عداد الضعفاء.
وبمعناه أخرجه أبو نعين (ص 39) بسند ضعيف عن ابن عباس. في سنده الزنجي وهو ضعيف، وابن جريج مدلس وقد رواه بالعنعنة ومن هذا الطريق أخرجه الطبري في تاريخه.
ومن ناحية المتون:
1 - فإن متن الروايات وما تضمنته من حكاية المرأة التي عرضت الزنا على عبد الله، وهو حديث عهد بزواج، تناقض الأحاديث الصحيحة من طهارة وشرف نسب الأنبياء، وأن هذه الطهارة، وهذا الشرف من دلائل نبوتهم: كقوله صلى الله عليه وسلم " إن الله – عز وجل – اصطفي بني كنانة من بني اسماعيل، واصطفي من بني كنانة قريشاً، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ".
2 - تخبطت الروايات في اسم المرأة، فهي مرة امرأة من خثعم، ومرة أم قتال أخت ورقة بن نوفل، ومرة هي ليلى العدوية، ومرة " كاهنة من أهل تبالة متهورة "، ومرة أنه كان متزوجاً بامرأة أخرى غير آمنة ... الخ هذا التخبط الدال على الكذب.
3 - وجود تناقض قوي داخل أحداث هذه القصة، فكيف يُتصور لرجل يقول لمرأة تطلب منه أن يقع عليها:
أنا الحرام فالممات دونه ** والحل لا حل فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه ** يحمي الكريم عرضه ودينه
ثم يقول لها بعد ذلك: أنا مع أبي ولا أقدر أن أفارقه .... الخ!!!
¥