تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت:أما قوله (بأن كلام الله غير مخلوق وهو من صفات الله القديمة) قاصداً بذلك المعنى النفسي كما تزعم الأشاعرة فباطل كسائر كلامه فإنهم كما قال الموفق ابن قدامة لم يتنازعوا في الكلام النفسي! في زمن المحنة ولا في غيرها بل لم يخطر ببالهم التنازع في صفة الله القائمة بذاته إنما تنازع الناس في القرآن الذي بين أيديهم المتلو على ألسنتهم المحفوظ في صدورهم ولم يقل واحد منهم إن صفة الله (الكلام) القائمة به مخلوقة.

وأما ادعاؤه أنهم يقولون إن الله جالس على العرش فيقال:هل قالوا أيها البقباق النفاج إنه تعالى جالس علي العرش قبل وجوده؟! إنما قولهم (إنه استوى علي العرش) كما قال لا يتعدون النص ما ذنبهم إذ قالوا ما قال ربهم فالله أخبر أنه خلق السموات والأرض ثم استوى على العرش وهو من قبل ومن بعد فوق خلقه جميعاً العرش وغيره وأما قبل العرش فإنه فوق خلقه ولما خلق العرش كان فوق خلقه وفوق العرش الذي هو أعلى مملكته سبحانه وتعالى.ومن قال منهم إنه جالس على العرش قاله إمعاناً في مخالفة الجهمية نفاة الاستواء أو مؤولته.

ثم قال: ((وهل جل جلاله في السماء قبل خلق السماء؟؟!! هذا مما لا يتوهمه عاقل، وهل العقل يصدق بحلول القديم في شيء من الحوادث؟؟!!)) اهـ

قلت:هذا عدو نفسه لم يجد له خصيماً فخاصم نفسه لم يقل أحد إنه داخل السماء ليقول هذا المماري المتعالي ذلك الكلام.

ثم قال: ((وعلى الجملة! فهذا القائل المجازف وأمثاله قد ادعوا ما لا يقبل الثبوت لا عقلا ولا نقلا، وقد كفروا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والطامة الكبرى التي نزلت بهؤلاء دعواهم أنهم (سلفيون)!!!!!، وهم عن سبيل الحق زائغون، وعلى خيار المسلمين يعيبون، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأما مذهب السلف والخلف بالنسبة للآيات والأحاديث المتشابهة فقد اتفق الكل على أن الله تعالى منزه عن صفات الحوادث، فليس له عز وجل مكان في العرش ولا في السماء ولا في غيرهما، ولا يتصف بالحلول في شيء من الحوادث، ولا بالاتصال بشيء منها، ولا بالتحول والانتقال ونحوهما من صفات الحوادث، بل هو سبحانه وتعالى على ما كان عليه قبل خلق العرش والكرسي والسماوات وغيرها من الحوادث، (قال الحافظ في الفتح): ((اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صفة الرب من غير تشبيه ولا تفسير)) اهـ.

وإنما اختلفوا في بيان المعنى المراد من هذه الآيات والأحاديث، فالسلف رضي الله عنهم يؤمنون بها كما وردت معتقدين أنها مصروفة عن ظاهرها لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ويفوضون علم المراد منها إلى الله تعالى لقوله:" وما يعلم تأويله إلا الله ")) اهـ

قلت: وهذا كذب على السلف وتجهيل لهم قال شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 13/ 294 - 299):" وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك فى المتشابه الذى لا يعلم تأويله الا الله أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذى استأثر الله بعلم تأويله كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم فإنهم وان أصابوا فى كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم فالكلام على هذا من وجهين:

الأول:من قال إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه فنقول أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل فى هذه الآية ونفى أن يعلم أحد معناه وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمى الذى لا يفهم ولا قالوا ان الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة قالوا فى أحاديث الصفات تمر كما جاءت ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التى مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة فى أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها ويفهمون منها بعض ما دلت عليه كما يفهمون ذلك فى سائر نصوص الوعد والوعيد والفضائل وغير ذلك وأحمد قد قال فغير أحاديث الصفات تمر كما جاءت وفى أحاديث الوعيد مثل قوله من غشنا فليس منا وأحاديث الفضائل ومقصوده بذلك أن الحديث لا يحرف كلمه عن مواضعه كما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير