تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يفعله من يحرفه ويسمى تحريفه تأويلا بالعرف المتأخر فتأويل هؤلاء المتأخرين عند الأئمة تحريف باطل وكذلك نص أحمد فى كتاب الرد على الزنادقة والجهمية أنهم تمسكوا بمتشابه القرآن وتكلم أحمد على ذلك المتشابه وبين معناه وتفسيره بما يخالف تأويل الجهمية وجرى فى ذلك على سنن الأئمة قبله فهذا اتفاق من الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه وأنه لا يسكت عن بيانه وتفسيره بل يبين ويفسر باتفاق الأئمة من غير تحريف له عن مواضعه أو إلحاد فى أسماء الله وآياته ومما يوضح لك ما وقع هنا من الاضطراب أن أهل السنة متفقون على ابطال تأويلات الجهمية ونحوهم من المنحرفين الملحدين و التأويل المردود هو صرف الكلام عن ظاهره الى ما يخالف ظاهره فلو قيل ان هذا هو التأويل المذكور فى الاية وأنه لا يعلمه الا الله لكان فى هذا تسليم للجهمية أن للآية تأويلاً يخالف دلالتها لكن ذلك لا يعلمه إلا الله وليس هذا مذهب السلف والأئمة وإنما مذهبهم نفى هذه التأويلات وردها لا التوقف فيها وعندهم قراءة الآية والحديث تفسيرها وتمر كما جاءت دالة على المعانى لا تحرف ولا يلحد فيها. والدليل على أن هذا ليس بمتشابه لا يعلم معناه أن نقول لا ريب أن الله سمى نفسه فى القرآن بأسماء مثل الرحمن والودود والعزيز والجبار والعليم والقدير والرءوف ونحو ذلك ووصف نفسه بصفات مثل سورة الاخلاص و آية الكرسى وأول الحديد وآخر الحشر وقوله ان الله بكل شىء عليم و على كل شىء قدير وأنه يحب المتقين و المقسطين و المحسنين وأنه يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلما آسفونا انتقمنا منهم ذلك بأنهم اتبعوا ما اسخط الله ولكن كره الله انبعاثهم الرحمن على العرش استوى ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم وهو الذى فى السماء اله وفى الأرض اله وهو الحكيم العليم اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه إننى معكما أسمع وأرى وهو الله فى السموات وفى الأرض ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام يريدون وجهه ولتصنع على عينى الى امثال ذلك فيقال لمن ادعى فى هذا أنه متشابه لا يعلم معناه أتقول هذا فى جميع ما سمى الله ووصف به نفسه أم فى البعض فان قلت هذا فى الجميع كان هذا عنادا ظاهرا وجحدا لما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام بل كفر صريح فانا نفهم من قوله إن الله بكل شىء عليم معنى ونفهم من قوله ان الله على كل شىء قدير معنى ليس هو الأول ونفهم من قوله ورحمتى وسعت كل شىء معنى ونفهم من قوله إن الله عزيز ذو انتقام معنى وصبيان المسلمين بل وكل عاقل يفهم هذا وقد رأيت بعض من ابتدع وجحد من أهل المغرب مع انتسابه الى الحديث لكن أثرت فيه الفلسفة الفاسدة من يقول إنا نسمى الله الرحمن العليم القدير علماً محضاً من غير أن نفهم منه معنى يدل على شىء قط وكذلك فى قوله ولا يحيطون بشىء من علمه يطلق هذا اللفظ من غير أن نقول له علم وهذا الغلو فى الظاهر من جنس غلو القرامطة فى الباطن لكن هذا أيبس وذاك أكفر ثم يقال لهذا المعاند فهل هذه الأسماء دالة على الإله المعبود وعل حق موجود أم لا فان قال لا كان معطلاً محضاً وما أعلم مسلماً يقول هذا وإن قال نعم قيل له فلم فهمت منها دلالتها على نفس الرب ولم تفهم دلالتها على ما فيها من المعانى من الرحمة والعلم وكلاهما فى الدلالة سواء فلابد أن يقول نعم لأن ثبوت الصفات محال فى العقل لأنه يلزم منه التركيب أو الحدوث بخلاف الذات فيخاطب حينئذ بما يخاطب به الفريق الثانى كما سنذكره وهو من أقر بفهم بعض معنى هذه الأسماء والصفات دون بعض فيقال له ما الفرق بين ما أثبته وبين ما نفيته أو سكت عن إثباته ونفيه فإن الفرق إما أن يكون من جهة السمع لأن أحد النصين دال دلالة قطعية أو ظاهرة بخلاف الآخر أو من جهة العقل بأن أحد المعنيين يجوز أو يجب اثباته دون الآخر وكلا الوجهين باطل فى أكثر المواضع أما الأول فدلالة القرآن على أنه رحمن رحيم ودود سميع بصير على عظيم كدلالته على أنه عليم قدير ليس بينهما فرق من جهة النص وكذلك ذكره لرحمته ومحبته وعلوه مثل ذكره لمشيئته وإرادته وأما الثانى فيقال لمن أثبت شيئا ونفى آخر لم نفيت مثلاً حقيقة رحمته ومحبته وأعدت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير